وعن السادس: أن تقديم الملائكة على الأنبياء في الرسالة ذكرا إنما كان لأنه على وفق الترتيب لا الدلالة على الفضيلة ويدل على ذلك أنه تعالى قدم ذكر الملائكة على كتبه والكتب على الرسل في قوله تعالى: (كُلٌ آَمَنَ بِالله وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ) البقرة: ٢٨٥ والكتب إن كانت هي الكلام القديم النفساني فهي أفضل من الملائكة، وقد قدم الملائكة في الذكر عليها، وإن كانت العبارات والكتابات الدالة فالرسل أفضل منها بالإتفاق، وقد أخر الرسل في الذكر عنها.
وعن السابع: بمنع كون الملائكة أعلم، فإن آدم كان أعلم منهم بدليل قوله تعالى:(وَعَلَمَ آَدَمَ الأَسماءَ كًلَها) البقرة: ٣١ الآيات، والمراد بالأسماء أصحاب الأسماء، وهي المسميات، بدليل قوله:(ثُمَّ عَرَضَهُم) ولو أراد الأسماء لقال: ثم عرضها كما قاله وإن كانت الملائكة أعلم، فذلك يدل على اختصاصهم بالأعلمية، وليس يلزم من ذلك أن يكونوا أفضل عند الله بمعنى أكثر ثوابا وأرفع درجة.
وعن الثامن: أن المراد بالتفضيل في الآية ليس في رفع الدرجة في الدار الآخرة وزيادة الثواب كما قاله المفسرون بل المراد به تفضيلهم في الدنيا بأكلهم بأيديهم وحملهم في البر والبحر على السفن وأظهر الحيوانات وأكلهم الطيبات على مانطقت به الآية من قوله تعالى: (وَلَقَد كَرَمَنا بَني آَدَم) الإسراء: ٧٠ ومفهوم هذا المنطوق سلب فضيلة البشر على الملائكة في هذه الأمور، ولا يلزم منه سلبها بمعنى رفع الدرجة عند الله تعالى.
وعن التاسع: بمنع كون الأنبياء ليسوا رسلا إلى الأنبياء فإن إبراهيم كان رسولا إلى لوط، وموسى إلى أنبياء بني إسرائيل، وإن سلم ذلك لكن لا يلزم منه التفضيل وإلا كانت فضيلة الرسول مستفادة م المرسل إليه لا من نفسهوذاته ويلزم من ذلبك أن تكون فضيلة النبي مستفادة له من المبعوث إليهم وهو محال.