وعن العاشر: بمنع تشبيه يوسف بالملك في الفضيلة بل في الحسن والجمال وذلك لأن سبب تشبيه النساء له بالملك إنما كان لدهشتهن بحسنه عند خروجه عليهن، حتى أنهن قطعن أيديهن بالسكاكين على ما نطقت به الآية من قوله تعالى:(وَآتَت كُلُ وَاحِدَةٍ مِنهُنَّ سِكِيناً وَقالَت أُخرُج عَلَيهِنَّ فَلَمَّا رَأَينَهُ أَكبَرنَهُ وَقَطَعَنَ أَيدِيَهُنَّ (يوسف: ٣١ حتى قالت امرأة العزيز (فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمتُنَنَي فِيهِ) يوسف: ٣٢ أي في حبه.
وعن الحادي عشر: أن ذلك إنما ذكره النبي عليه السلام عند سؤال كفار قريش له بتعجيل العذاب استهزاء به فأنزل قوله تعالى قل (لاَ أَقُولُ لَكُم عِندِي خَزَائِنُ الله) أي مفاتيح نزول العذاب (وَلاَ أَعلَمُ الغَيبَ) أي متى ينزل عليكم (وَلاَ أَقُولُ لَكُم إِنّي مَلَك) هود: ٣١ أي ممن يقدر على إحاطة العذاب بكم كما فعل بالأمم السالفة وهو دليل كون الملك أقدر لا أفضل.
وعن الثاني عشر: أن ذلك إنما ورد ردا على النصارى في اعتقادهم إلهية المسيح لما رأوه يقدر على إحياء الموتى وأنه لا أب له، فقال تعالى:(لَن يَستَنكِفَ المَسيحُ) النساء: ١٧٢ مع هذه الصفات بل ولا من هو أقوى منه وأقدر منه ولا يفتقر في وجوده إلى أب وأم وهم الملائكة أن يكونوا عبيدا لله، وهو دليل التفاوت في هذه الصفات لا في الفضيلة عند الله بمعنى رفع الدرجة وكثرة الثواب.
وعن الثالث عشر: أن ذلك إنما ورد ردا على كفار قريش في قولهم محمد صلى الله عليه وسلم مجنون وأن القرآن من إلقاء الشيطان إليه فأقسم تعالى (بِالخُنَس) وما بعدها (إِنّهُ لَقَولُ رَسًولٍ كَرِيم) ووصفه بما وصفه مبالغة في أنه ليس بقول شيطان (وَما صاحِبُكًم بِمَجنُون) كما زعمتم وإنما وقعت المبالغة في صفات جبريل دون النبي صلى الله عليه وسلم لعلمهم بصفاته لكونه عربيا منهم دون صفات جبريل. انتهى.