للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولأن الناس في الموقف إنما يستشفعون بالأنبياء لا بالملائكة، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: ولا شك أن للبشر طاعات لم يثبت مثلها للملائكة كالجهاد والغزو ومخالفة الهوى والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على البلايا والمحن والرزايا، وقد ثبت أنهم يرون ربهم ويبشرهم بإحلال رضوانه عليهم ولم يثبت مثل هذا للملائكة، وذهبت المعتزلة إلى تفضيل الملائكة، واختاره القاضي أبو بكر والأستاذ أبو إسحاق والحافظ أبو عبد الله الحاكم والحليمي والإمام الرازي في المعالم وأبو شامة، وفي المسألة قول ثالث بالوقف وإليه صار الكيا في تعليقه، ونقل بعضهم قولا آخر أن خواص البشر أفضل من خواص الملائكة، وعوام الملائكة أفضل من عوام البشر وعزاه للمحققين. والظاهر أنه تنقيح مناط الخلاف، وإليه يشير كلام المصنف فإنه جعل المسألة بين البشر والملائكة، وقال أبو المظفر الأسفرايني في كتاب التوحيد: اتفقوا على أن العصاة من المؤمنين دون الأنبياء والملائكة، فأما المطيعون فاختلفوا في المفاضلة بينهم وبين الملائكة على قولين، وقال ابن يونس في مختصره في الأصول بعد ذكر القولين: وقال الأكثرون منا: المؤمن الطائع أفضل من الملائكة، وقيد الإمام في الأربعين الملائكة بالسماوية، وقال ابن المنير: مذهب أهل السنة أن الرسول أفضل من الملك باعتبار الرسالة لا باعتبار عموم الأوصاف البشرية ولو كانت البشرية بمجردها أفضل من الملائكة لكان كل البشر أفضل من الملائكة. معاذ الله، وذكر الإمام فخر الدين: أن الخلاف في التفضيل بمعنى أيهما أكثر ثوابا على الطاعات ورد بذلك احتجاج الفلاسفة على أفضلية الملائكة بأنها نورانية علوية، والجسمانية ظلمانية سفلية وقال: هذا لم يلاق محل النزاع وبهذا يزول الإشكال في المسألة. انتهى.

مسألة:

قال الحليمي في المنهاج ثم البيهقي في شعب الإيمان ثم

<<  <   >  >>