قَالَ سَلاَمٌ} وهذا فيما يزعم المفسرون: قالوا خيراً. كأنه - والله اعلم - سمع منهم التوحيد فقد قالوا خيرا، فلما عرف انهم موحدون قال:"سلامٌ عَلَيْكُم" فسلمَ عليهم. فهذا الوجه رفع على الابتداء. وقال بعضهم:"ما كان من كلام الملائكة فهو نصب وما كان من الانسان فهو رفع في السلام". وهذا ضعيف ليس بحجة. وقال {فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ} فهذا يجوز على معنى: "سلامٌ عَلَيْكُم" في التسليم. او يكون على البراءة الا انه جعله خبر المبتدأ كأنه قال "أمِري سَلامٌ". اي: أمري براءة منكم، وأضمر الاسم كما يضمر الخبر. وقال الشاعر:[من الطويل وهو الشاهد الرابع عشر] :
على:"أَأَنْتِ هِي أَمْ أم سالِمِ" أيْ: أَشْكَلْتِ عليَّ بِشَبَهِ أمِّ سالِمِ بِكِ. وكل هذا قد اضمر الخبر فيه. ومثل ذلك {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم [٧٣ء] مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَائِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ} فلما قال {أُوْلَائِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُواْ مِن بَعْدُ وَقَاتَلُواْ} كان فيه دليلٌ* على معنى {لاَ يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ}"ومن أنفق من بعد الفتح" أي لا يستوي هؤلاء وهؤلاء.
وقال {وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} لان كل اسم على "فُعْلَة" خفيف اذا جمع حرك ثانية بالضم نحو" ظُلُمات" و"غُرُفات" لان مخرج الحرفين بلفظ واحد اذا قرب أحدهما من صاحبه [كان] ** أيسر عليهم. وقد فتحه بعضهم فقال:"الرُكَبات" و"الغُرفاَت" و"الظُلُمات"، واسكن بعضهم ما كان من الواو كما يسكن ما كان من الياء نحو "كُلْيات" أسكن اللام لئلا تحوّل الياء واوا فاسكنها في "خُطْوات"