المعاني الواردة في آيات سورة (مريم)
{قَالَ رَبِّ اجْعَل لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاَثَ لَيَالٍ سَوِيّاً}
وقال {سَوِيّاً} على الحال كأنه أمره أن يكف عن الكلام سويّا.
{وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً}
وقال {وَهُزِّى إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} لأن الباء تزاد في كثير من الكلام نحو قوله {تَنبُتُ بِالدُّهْنِ} أي: تُنْبِتُ الدُهنَ. وقال الشاعر: [من الطويل وهو الشاهد السادس والأربعون بعد المئتين] :
بِوادٍ يَمانٍ يُنْبِتُ السِّدْرَ صَدْرُهُ * وَأَسْفَلُهُ بالمَرْخِ والشَبَهانِ
يقول: "وأسْفَلُه يُنْبِتُ المَرْخَ والشَبَهان" ومثله: "زَوَّجْتُكَ بِفُلانَة" يريدون: "زَوَّجْتُكَها" ويجوز ان يكون على معنى "هُزِّي رُطَباً بِجِذْعِ النَخْلَة".
{ياأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً}
وقال {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً} مثل قولك "مِلْحَفَةٌ جَدِيدٌ".
المعاني الواردة في آيات سورة (مريم)
{ياأَبَتِ لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَانِ عَصِيّاً}
وقال {ياأَبَتِ [١٤٩ ب] لاَ تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ} فاذا وقفت قلت {يا آبَهْ} وهي هاء زيدت كنحو قولك "يا أُمَّهْ" ثم قال "يَا أُمَّ" اذا وصل ولكنه لما كان "الأبُ" على حرفين كان كأنه قد أُخِلَّ به فصارت الهاء لازمَةً وصارت الياء كأنها بعدها، فلذلك قال "يَا أبَتِ أقْبِلْ" وجعل التاء للتأنيث. ويجوز الترخيم لأنه يجوز ان تدعو ما تضيف الى نفسك في المعنى مضموماً نحو قول العرب "يا رَبُّ اغْفِرْ لي" وثقف في القرآن {يا أبَتِ} للكتاب. وقد يقف بعض العرب على هاء التأنيث.
وقوله {كَانَ لِلرَّحْمَانِ عَصِيّاً} و"العَصِيّ": العاصي كما تقول: "عَلِيم" و"عالِم" و"عَرِيف" و"عارِفْ" قال الشاعر: [من الكامل وهو الشاهد السابع والأربعون بعد المئتين] :
أَوَ كُلَّما وَرَدَتْ عُكَاظَ قَبِيلَةٌ * [١٥٠ ب] بَعَثُوا إِلَيَّ عَرِيفَهُم يَتَوَسَّمُ
يقول: "عارِفَهُمْ".
{وَوَهَبْنَا لَهْمْ مِّن رَّحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيّاً}
وقال {لِسَانَ صِدْقٍ} كما تقول: "لسانُنا غيرُ لسانِكُم" أي: لغتُنا غيرُ لغتِكُم. وان شئت جعلت اللسان مقالهم كما تقول "فُلانٌ لِسانُنا".