وقال {وَلاَ تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلاَ السَّيِّئَةُ} وقد يجوزُ، لأنك تقول:"لا يَسْتَوِي عبدُ اللهِ وَلاَ زَيْدٌ" اذا أردت: لا يَسْتَوِي عبدُ اللهِ وَزَيْدٌ" لأنهما جميعاً لا يستويان. وان شئت قلت ان الثانية زائدة تريد: لا يَسْتَوِي عبدُ اللهِ وَزَيْدٌ. فزيدت [لا] توكيدا كما قال {لِّئَلاَّ يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ} أي: لأن يعلم. وكما قال {لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ} . [١٦٨ ء] .
وقال {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِالذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ} فزعم بعض المفسرين ان خبره {أُوْلَائِكَ يُنَادَوْنَ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ}[٤٤] وقد يجوز ان يكون على الاخبار التي في القرآن يستغنى بها كما استغنت اشياء عن الخبر اذ طال الكلام وعرف المعنى نحو قوله {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبَالُ} وما أشبهه. وحدثني شيخ من أهل العلم قال: "سمعت عيسى بن عمر يسأل عمرو بن عبيد": {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِالذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ} اين خبره؟ " فقال عمرو: "معناه في التفسير {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِالذِّكْرِ لَمَّا جَآءَهُمْ} كفروا به {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} " فقال عيسى: "جَاءَ يا أَبا عثمان".