فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " أما قوله: {فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} فَهَذِهِ النَّفْخَةُ الأُولَى، يُنْفَخُ فِي الصُّورِ {فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ إِلا مَنْ شَاءَ اللهُ} {فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَسَاءَلُونَ} ، فَإِذَا كَانَ فِي النَّفْخَةِ الآخِرَةِ، قَامُوا: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} ، وَأَمَّا قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} وَقوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا} ، فَإِنَّ اللهَ يَغْفِرُ لأَهْلِ الإِخْلاصِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَلا يَتَعَاظَمُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْفِرَ، وَلا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ قَالُوا: إِنَّ رَبَّنَا غَفَرَ الذُّنُوبَ، وَلا يَغْفِرُ الشِّرْكَ، فَتَعَالَوْا نَقُولُ: إِنَّا أَهْلُ الذُّنُوبِ، وَلَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ، فَسَأَلَهُمُ الرَّبُّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: أَيْنَ شُرَكَاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ؟ فَقَالُوا: {وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} وَإِنَّمَا كُنَّا أَهْلَ ذُنُوبٍ، فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: أَمَّا إِذَا كَتَمَتِ الأَلْسُنُ، فَاخْتِمُوا عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَخَتَمَ اللهُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَنَطَقَتْ أَيْدِيهِمْ، وَشَهِدَتْ أَرْجُلُهُمْ، بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عَرَفَ الْمُشْرِكُونَ، أَنَّ اللهَ لا يَكْتُمُ حَدِيثًا، فَعِنْدَ ذَلِكَ قوله عَزَّ وَجَلَّ: {يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثًا} "، وَذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ مِثْلَهُ هَذَا الْمَعْنَى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute