للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

"أي خديجة، مالي؟ لقد خشيت على نفسي"، ثم أخبرها الخبر، فقالت خديجة: "أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق".

لقد كانت أخلاق محمد -التي خبرتها خديجة عن كثب- وما اشتهر به بين الناس من جميل المحامد والسجايا، هي حيثيات الحكم التي استندت إليها في التأكيد على صدق ما جاءه، وأنه "الحق" من الله.

ولقد حدث ابن عباس قال: "لما أنزل الله عز وجل: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ١، أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- الصفا، فصعد عليه ثم نادى: "يا صباحاه".

فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه وبين رجل يبعث رسوله.

فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، يا بني لؤي.. أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلًا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟ "

قالوا: نعم. ما جربنا عليك إلا صدقًا.

قال: "إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد".

فقال أبو لهب "عمه": تبا لك سائر اليوم. ألهذا جمعتنا؟ ٢.

بقي أن نلاحظ في قول الحق: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} ٣، أن كلمة "على" للاستعلاء، وأن الخلق العظيم خاصية من خلقته الطبيعية وفطرة فطر عليها، فدل ذلك على أن الرسول في هذا المجال كالسيد بالنسبة لمن ساد عليه.

واستمر خلق الرسول يستخدم كواحد من خير البراهين على صدق رسالته، فكانت آيات القرآن تشير إلى ذلك بين الحين والحين حتى تذكر من جحد نبوته


١ الشعراء: ٢١٤.
٢ تفسير الفخر الرازي، وابن كثير.
٣ القلم: ٤.

<<  <   >  >>