استفتح القرآن -في سورة "اقرأ"- باسم الإله الذي {خَلَقَ الْإِنْسَانَ} فهو الإله {الْأَكْرَمُ، الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ، عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}[العلق: ٣-٥] .
ثم توالت آيات الله، وعلى هديها قام الرسول يدعو إلى ربه على بصيرة، وفي مواجهته قام المشركون من قريش والذين كفروا به من اليهود، يحاربونه ومن تبعه بكل ما استطاعوا إلى ذلك سبيلًا.
وفي محاوراتهم معه قال المشركون:"انسب لنا ربك" وجاءه أناس من اليهود يقولون: "صف لنا ربك، فإن الله أنزل نعته في التوراة".
فأنزل الله -تعالى- سورة "الإخلاص" وهي نسبة خاصة لله؛ تقول:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ، لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} .
ولقد علم الرسول أصحابه أنها "تعدل ثلث القرآن".
كان طبيعيًا -إذن- أن تكون سورة "الإخلاص" من أوائل السور التي نزلت في صدر القرآن، إذ هي تضع الأساس الذي يقوم عليه الإسلام، فما اتفق معها يتفق والعقيدة الإٍسلامية، وما اختلفت معها استحال التوفيق بينه وبين أساسيات الإسلام، مهما اجتمع لذلك من فلاسفة العصر وقادة الفكر وشيوخ الأديان.
وكان منطقيًا أن يكون أساس العقيدة واضحًا كل الوضوح بسيطًا كل البساطة، يفهمه كل ذي عقل سواء من أوتي حظًا من علم أو كان من الجهلة والأميين. فمن غير المعقول أن يكون أساس الدين -الذي يتوقف عليه المصير