ومع ذلك نجد البابا "إيربان الثاني" يقف بعد ذلك بنحو خمسة قرون ليعلن للشعوب المسيحية أن المسلمين كفار..! وتستمر السلطات الدينية المسيحية في التشكيك في إيمان المسلمين بالله لدرجة أن يثار في مؤتمر القاهرة التبشيري عام ١٩٠٦ سؤال عما إذا كان إله المسلمين هو إله المسيحيين واليهود. ثم يصر كبير المبشرين "زويمر" على رفض القول بأن الإله واحد في الديانات الثلاث.
ولعل السبب في هذا الموقف هو أنه ما دام إله المسلمين هو إله المسيحيين فإن السؤال الذي يعقب ذلك بداهة هو: لماذا -إذن- يقوم تبشير بالنصرانية بين المسلمين؟
آنذاك يقتصر نشاط التبشير على الوثنيين -هذا إذا كان هدفه دينيًا حقًا ولم يربط نفسه بالاستعمار والسيطرة العنصرية-وآنذاك يفقد كثير من المبشرين ما يتمتعون به من مكاسب مادية ومعنوية.
نحو صفحة جديدة:
إن عهدا جديدًا في العلاقات بين المسيحية والإسلام يوشك أن يبدأ وهو عهد يطوي صفحات الماضي بكل شرورها ومآسيها ويفتح آفاقًا واسعة من الفهم والاعتراف بالحقائق التي تأتي نتيجة الدراسات الجادة والمجردة عن الأحكام المسبقة.
ولقد بدأ يلوح في الآفاق ما ينبئ بإمكانية تحقيق فهم أفضل من المسيحية نحو الإسلام، وذلك في عصر يتجه نحو العالمية ويواجه فيه المؤمنون بالأديان السماوية -اليهودية والمسيحية والإسلام- خطر الإلحاد والكفر بالله ورسالته.
فلقد أبطلت الكنيسة الكاثوليكية في النصف الثاني من القرن العشرين ما سبق أن أعلنه أحد رؤسائها السابقين في نهاية القرن الحادي عشر، من اعتبار المسلمين كفارًا، وذلك في بحوثها التي عرضت في المجمع الثاني للفاتيكان، والذي عقد في الفترة ٦٣-١٩٦٥.