للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانيًا: هذا الحديث مخالف لحديث آخر مشهور، وأخذ به جمهور الفقهاء وهو حديث١: "الخراج بالضمان"، وهذا الحديث رواه الشافعي فقال: أخبرنا سعيد بن سالم عن ابن أبي ذئب عن مخلد بن خفاف عن عروة بن


١ يريد بالخراج ما يحصل من غلة العين المبتاعة؛ عبدًا كان أو أمة أو ملكًا، وذلك أن يشتريه فيستغله زمانًا، ثم يعثر منه على عيب قديم لم يطلعه البائع عليه أو لم يعرفه فله رد العين المبيعة وأخذ الثمن ويكون للمشتري ما استغله؛ لأن المبيع لو كان تلف في يده لكان من ضمانه، ولم يكن على البائع شيء، والباء في الضمان متعلقة بمحذوف تقديره، الخراج مستحق بالضمان: أي بسببه. "النهاية لابن الأثير" وقال الأستاذ أحمد شاكر في تحقيقه الرسالة: "رواه البيهقي في السنن ٥/ ٣٢١ - ٣٢٢ من طريق الشافعي ورواه الطيالس رقم ١٤٦٤ عن ابن أبي ذئب بالقصة مختصرة، ورواه كثير من العلماء عن ابن أبي ذئب فبعضهم اختصر القصة وبعضهم اقتصر على الحديث المرفوع "الخراج بالضمان" وأسانيده في أبي داود ٣/ ٣٠٤ - ٣٠٥ - أحمد ٦/ ٨٠ و١١٦ و١٦١ و٢٠٨ و٢٣٧، والمستدرك للحاكم ٢/ ١٥ ... وقد رواه أيضًا: "مسلم بن خالد الزنجي عن هشام بن عروة عن أبيه عن هشام، وفيه قصة أخرى، قال أبو داود: هذا إسناد ليس بناك، وقال الترمذي في حديث ابن أبي ذئب عن مخلد": هذا حديث حسن، وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه، ثم رواه مختصرًا من طريق عمرو بن علي المقدمي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وقال: هذا حديث صحيح غريب من حديث هشام بن عروة، واستغرب محمدج بن إسماعيل البخاري هذا الحديث من حديث عمرو بن علي.
وفي عون المعبود في الكلام على حديث مخلد: "قال المنذري: قال البخاري: هذا حديث منكر، ولا أعرف لمخلد بن خفاف غير هذا الحديث. قال الترمذي: فقلت له: فقد روي هذا الحديث عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة؟ فقال: إنما رواه مسلم بن خالد الزنجي وهو ذاهب الحديث، وقال ابن أبي حاتم: سئل أبي عنه، يعني مخلد بن خفاف. فقال: لم يرو عنه غير بن أبي ذئب وليس هذا إسناد تقوم بمثله الحجة" ... والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي.. وقد ذكرنا أن مخلدًا ثقة وقد روى عنه غير ابن أبي ذئب، خلافًا لما زعمه أبو حاتم، فقد نقل الذهبي في الميزان والحافظ في التهذيب أن حديثه هذا رواه أيضًا الهيثم بن جميل عن يزيد ابن عياض عن مخلد. فظهرت صحة الحديث بينة "تحقيق الرسالة ص ٤٤٩ - ٤٥٠".
والحديث ذكره الإمام الشافعي في الرسالة هكذا: "أخبرنا من لا أتهم عن ابن أبي ذئب عن مخلد ابن خفاف قال: "ابتعت غلامًا، فاستغللته، ثم ظهرت منه على عيب، فخاصمت فيه إلى عمر بن عبد العزيز، فقضى لي برده، وقضى علي برد غلته، فأتيت عروة فأخبرته، فقال: أروح إليه العشية فأخبره أن عائشة أخبرتني أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قضى في مثل هذا أن "الخراج بالضمان". فعجلت إلى عمر فأخبرته ما أخبرني عروة عن عائشة عن النبي. فقال عمر: فما أيسر علي من قضاء قضيته، الله يعلم أني لم أرد فيه إلا الحق، فبلغتني فيه سنة عن رسول الله فأرد قضاء عمر، وأنفذ سنة رسول الله، فراح إليه عروة، فقضى لي أن آخذ الخراج من الذي قضى به له". "الرسالة ص٤٤٨ - ٤٤٩".

<<  <   >  >>