للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالضمان"، وموضوع كل منهما مختلف عن الآخر؛ ذلك أن البائع عندما أراد أن يبيع الشاة أو الناقة المصراة كان يبيع شيئين الشاة أو الناقة ومعهما اللبن الذي في الضرع، وهذا كمن يبيع النخلة وعليها ثمرها؛ وقد كان يملك أن يحلبه قبل البيع كما يملك أن يقطع الثمر قبل أن يبيع النخلة. "فاللبن مبيع مع الشاة وهو سواها، وكان في ملك البائع" فإذا حلبه المشتري، ثم أراد أن يردها بعيب التصرية ردها وصاعًا من تمر؛ كثر اللبن أو قل. كان قيمته أو أقل من قيمته؛ لأن ذلك شيء وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن جمع فيه بين الإبل والغنم التي هي مختلفة الأثمان وألبانها كذلك.

٧٠٨- أما الخراج الذي يستحق بالضمان فشيء آخر مختلف تمامًا، وهو ما لا يكون في ملك البائع وقت البيع، وفي حالة الشاة المصراة لو أمسكها المشتري بعد حلب اللبن المصرى، حتى اكتشف فيها عيبًا آخر فإن ردها ردها ولا يرد اللبن الذي حلبه بعد لبن التصرية؛ لأن هذا حدث في ملك المشتري، ولم يكن في ملك البائع، وفي عدم رد اللبن إنما ينفذ قوله صلى الله عليه وسلم: "الخراج بالضمان" ومثل هذا أن يبتاع عبدًا فإنما اشتراه بعينه، وما حدث له بعد ذلك من خدمة أو خراج أو مال أفاده فهو للمشتري؛ لأنه حادث في ملكه لم تقع عليه صفقة البيع، فهو كلبن الشاة الحادث بعد لبن التصرية في ملك مشتريها.

وكذلك نتاج الماشية يشتريها فتنتج ثم يظهر منها على عيب، فيردها دون النتاج، وكذلك لو أخذ لها أصوافًا أو شعورًا أو ألبانًا وكذلك لو أخذ للحائط ثمرًا إذا كان يوم يردها بحالها كيوم أخذها أو أفضل١.

٧٠٩- ليس هناك -إذن- من تناقض ولا مجال لأن تقول كيف نرد المصراة مع صاع من تمر؛ لأن الله تعبد خلقه في كتابه وعلى لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بما شاء، لا معقب لحكمه، فعلى الناس اتباع ما أمروا به، وليس لهم فيه إلا التسليم و"كيف" إنما تكون في قول الآدميين الذين يكون قولهم تبعًا لا متبوعًا٢.


١ اختلاف الحديث ص٣٣٣ - ٣٣٤.
٢ اختلاف الحديث ص٣٣٩.

<<  <   >  >>