للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧١٠- والحق أننا مع الإمام الشافعي في أن الحديث متى صح من حيث الثقة في رواته لا ينبغي أن نرفضه أو نرده ونتركه وخاصة إذا لم تكن هناك من الأدلة على نسخه، ولا نعرضه على حديث آخر حتى ولو كان مشهورًا؛ لأن الشهرة وإن كانت تبعث على الاطمئنان القلبي إلا أنها لا تصح مقياسًا لرفض أحاديث أخرى لم تشتهر؛ إذ قد يكون مبعث شهرتها الحاجة إليها في كثير من المسائل والمشاكل الفقهية؛ لا لأن الذين رووها أوثق من الذين رووا الأحاديث التي لم تشتهر، وهذا ما ينطبق تمام الانطباق على حديث "المصراة" وعلى حديث "الخراج بالضمان" فالثاني لأنه يطبق في حالات كثيرة؛ في الحيوان وغير الحيوان اشتهر على الرغم مما قيل في إسناده، وحديث "المصراة" لم يبلغ من الشهرة مثل ما بلغ لأنه لا يطبق إلا في حالات قليلة، في الشياه أو الإبل المصراة ومع هذا فلم يتكلم في إسناده مثل ما تكلم في إسناد "الخراج بالضمان".

٧١١- وكما يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "الحديث الصحيح أصل بنفسه، فكيف يقال: الأصل يخالف نفسه؟!! هذا من أبطل الباطل"١.

٧١٢- وإذا كان الإمام الشافعي رضي الله عنه قد رفض عرض السنة على السنة من أجل رد بعضها والعمل ببعضها الآخر -فإنه استخدم ذلك لترجيح بعض الأحاديث الصحيحة على بعضها الآخر وعونًا على الفهم الصحيح لها والمعنى الذي أراده صلى الله عليه وسلم منها:

٧١٣- فقد رويت أحاديث في الإسفار والتغليس بالفجر، ولا شك أن وقت التغليس أسبق من وقت الإسفار، فالوقت إذن مختلف والأحاديث تبعًا لذلك مختلفة أيضًا.

٧١٤- روى الشافعي عن سفيان عن محمد بن عجلان، عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أسفروا بالصبح، فإن ذلك أعظم لأجوركم أو قال: للأجر.


١ إعلام الموقعين ٢/ ٢٥١.

<<  <   >  >>