للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٨٨٣- قال الشاطبي: إن مالكًا قال في هذا الحديث: لا أدري ما حقيقته، وكان يضعفه ويقول: يؤكل صيده، فكيف يكره لعابه؟! فقد اتخذ من أكل صيده الثابت بأصل قطعي، وهو قوله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِين} -دليلًا على طهارة لعابه، والحديث يدل على نجاسته، فتعارض الحديث مع استنباط قطعي من القرآن الكريم.

٨٨٤- ومن هذه التي تعارضت مع القياس، فردها الإمام مالك رضي الله عنه -كما يذكر الشاطبي- حديث خيار المجلس الذي يوجب أن يكون لكلا العاقدين الحق في فسخ العقد ما دام المجلس متحدًا لم يتفرق.

٨٨٥- وهذا الحديث رواه الإمام مالك في الموطأ عن نافع عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "المتبايعان كل واحد منهما بالخيار على صاحبه ما لم يتفرقا، إلا بيع الخيار" وقال بعد روايته: "وليس لهذا عندنا حد معروف ولا أمر معمول به فيه"١. ورده؛ لأن المجلس ليس له نهاية معلومة، بحيث يكون للفسخ مدة معلومة، وإن شرط الخيار يبطل إجماعًا إذا لم تكن له مدة معلومة، فكيف يثبت بالشرع حكم لا يجوز شرطًا بالشرع؟ ... ولو كان يجوز الخيار لمدة مجهولة لجاز اشتراط الخيار من غير مدة ويضاف إلى ذلك أن الحديث بجهالة مدته يعارض قاعدة نفي الغرر والجهالة في العقود٢.

٨٨٦- ومن الأمثلة التي ردها كذلك لمعارضتها بالقياس حديث صيام الأيام الست من شوال وفضيلتها، فقد نهى عن صيام ست من شوال، وأخذ من ذلك بمبدأ سد الذرائع خشية أن تؤدي المداومة عليها إلى زيادة رمضان واعتقاد وجوبها.

٨٨٧- وقد روى هذا الحديث مسلم بن الحجاج فقال: حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة بن سعيد، وعلي بن حجر جميعًا عن إسماعيل قال ابن أيوب


١ الموطأ: ص٤١٦.
٢ مالك: ص٣٠٠.

<<  <   >  >>