للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حدثنا إسماعيل بن جعفر، أخبرني سعد بن سعيد بن قيس، عن عمر بن ثابت بن الحارث الخزرجي، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنه حدثه أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم قال: "من صام رمضان، وأتبعه بست من شوال كان كصيام الدهر" ١.

٨٨٨- ونكتفي بذكر هذه الأمثلة ومناقشتها؛ لأن غيرها لا يخرج بعضه عن طبيعتها وبعضها الآخر واضح منه تمامًا أنه يرفضه لا من أجل قياس، وإنما لمعارضته نص آخر أقوى منه، ومن هذا حديث عدد الرضعات الذي رده؛ لأنه يتعارض مع إطلاق الآية الكريمة: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُم} ٢ وحديث المصراة الذي يتعارض مع الآية والحديث، كما سبق أن ذكرنا.

٨٨٩- أما الحديث الأول: وهو حديث غسل الإناء من ولوغ الكلب فالواقع أن الإمام مالكًا لم يرده؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، غاية الأمر أنه لم يجعل الأمر للوجوب، وإنما جعله للندب، ثم استخدم القياس فقط لتأييد فهمه هذا، وكلام ابن القاسم الذي ورد فيه قوله: إنه "لم يدر حقيقة هذا الحديث" يدل على ذلك، وقد أورده ابن عبد البر في كتابه الاستذكار كاملًا وهو: "جملة مذهب مالك عند أصحابه اليوم أن الكلب طاهر، وأن الإناء يغسل منه سبعًا عبادة، ولايهرق شيء مما ولغ فيه غير الماء وحده ليسار مؤونته، وأن من توضأ به إذا لم يجد غيره أجزأه وأنه لا يجوز التيمم لمن كان معه ما ولغ فيه كلب، وأنه لم يدر ما حقيقة هذا الحديث، واحتج بأنه يؤكل صيده، فكيف يكره لعابه؟ وقال مع هذا كله لا خير فيما ولغ فيه كلب: ولا يتوضأ به أحب إلى هذا كله ما روى ابن القاسم عنه"٣.


١ صحيح مسلم بشرح النووي حـ٣ ص٢٣٠ - ٢٣١.
٢ النساء: ٢٣.
٣ الاستذكار، لمذاهب فقهاء الأمصار: أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر "٤٦٣هـ" تحقيق علي النجدي ناصف. المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ١٣٩١هـ - ١٤٩٧١، حـ١ ص٢٥٨.

<<  <   >  >>