للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التخاير في المجلس لا تشهد له الآية لا نطقًا ولا تنبيهًا. ثم بين أن الآيات التي ذكرت في البيع والشراء لا تدل على خيار المجلس١.

٨٩٧- أرأيت كيف أن مالكًا لم يترك الحديث للقياس، وإنما فهمه فهمًا معينًا يتلاءم مع الآيات القرآنية الكريمة؟! وحتى لو قلنا: إنه ترك هذا الحديث فإنه لم يتركه مؤثرًا القياس عليه، وإنما لمعارضته للآيات القرآنية الكريمة وبعبارة أخرى: تركه لمعارضته لظاهر القرآن الكريم.

٨٩٨- وعبارته تعقيبًا على هذا الحديث: "ليس لهذا عندنا حد معروف، ولا أمر معمول به فيه" إنما تشير إلى أن الأمر ليس كما يفهم من ظاهر الحديث، فهو بهذا الظاهر لا يعمل به، وإنما يحتاج إلى فهم يتلاءم به مع النصوص القرآنية.

٨٩٩- ويقول القاضي عياض في هذه العبارة قولًا آخر يدل كذلك على غير ما ذهب إليه بعض الناس من أنه رد هذا الحديث من أجل القياس، يقول: "وقول مالك في هذا الحديث بعد ذكره له في موطئه: "وليس لهذا عندنا حد محدود ولا أمر معمول به" وهذه المعارضة أعظم تهاويلهم وأشنع تشانيعهم، قالوا: هذا رد للخبر الصحيح إذ لم يجد عليه عمل أهل المدينة، حتى قد أنكره عليه أهل المدينة، وقال ابن أبي ذئب فيه كلامًا شديدًا معروفًا، فالجواب أنه إنما أتيت بسوء التأويل، فإن قول مالك هذا ليس مراده رد البيعين بالخيار وإنما أراد بقوله ما قال في بقية الحديث، وهو قوله: "إلا بيع الخيار" فأخبر أن بيع الخيار ليس له حد عندهم، لا يتعدى إلا قدر ما تختبر فيه السلعة وذلك يختلف باختلاف المبيعات، فيرجع فيه إلى الاجتهاد والعوائد في البلاد وأحوال البيع٢.

٩٠٠- وننتقل إلى الحديث الثالث، وهو حديث صيام الست من


١ أحكام القرآن: أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي تحقيق على محمد البحاوي - الطبعة الثانية عيسى البابي الحلبي "١٣٨٧هـ ١٩٦٧م".
٢ ترتيب المدارك حـ١ ص٧٢.

<<  <   >  >>