للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- الإِحْسَانُ هُنَا هُوَ الإِحْسَانُ الوَاجِبُ؛ لِأَنَّ اللهَ فَرَضَهُ، وَفِي الجُمْلَةِ قَدْ يَكُون الإِحْسَانُ مُسْتَحَبًّا؛ وَلَكِنَّهُ لَيسَ المَقْصُودَ هُنَا.

وَمِنْ أَمْثِلَةِ الإِحْسَانِ الوَاجِبِ هَيئَةُ الذَّبْحِ وَالقَتْلِ، وَأَيضًا قَولُهُ تَعَالَى:

{إِنَّ اللهَ يَامُرُ بِالعَدْلِ والإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالبَغي يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النَّحْل: ٩٠]، وَقَولُهُ تَعَالَى أَيضًا: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَينِ إِحْسَانًا} [الإِسْرَاء: ٢٣].

قَالَ الحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ الحَنْبَلِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَهَذَا الأَمْرُ بِالإِحْسَانِ تَارَةً يَكُونُ لِلوُجُوبِ كَالإِحْسَانِ إِلَى الوَالِدَينِ وَالأَرْحَامِ بِمِقْدَارِ مَا يَحْصُلُ بِهِ البِرُّ وَالصِّلَةُ، وَالإِحْسَانِ إِلَى الضَّيفِ بِقَدْرِ مَا يَحْصُلُ بِهِ قِرَاهُ -عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ-، وَتَارَةً يَكُون لِلنَّدْبِ كَصَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَنَحْوِهَا" (١).

- هَذَا الحَدِيثُ فِيهِ تَمْثِيلٌ لِنَوعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الإِحْسَانِ، وَتَأَمَّلْ كَونَهُ فِي القَتْلِ وَالذَّبْحِ رُغْمَ أَنَّهُ مَوتٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (٢)! فكَيفَ بِمَا هُوَ أَعْلَى مِمَّا فِيهِ عَلَاقَةُ العَبْدِ مَعَ رَبِّهِ وَمَعَ إِخْوَانِهِ المُسْلِمِينَ؟!

وَفِي الحَدِيثِ «إِنَّ اللهَ تَعَالَى مُحْسِنٌ فَأَحْسِنُوا» (٣)، وَفِي الحَدِيثِ الآخَرِ «إِذَا حَكَمْتُمْ فَاعْدِلُوا، وَإِذَا قَتَلْتُمْ فأَحْسِنُوا؛ فَإِنَّ اللهَ مُحْسِنٌ يُحِبُّ المُحْسِنِينَ» (٤).

- الذَّبْحُ أَخَصُّ مِنَ القَتْلِ لِأَنَّهُ لِلأَكْلِ.


(١) جَامِعُ العُلُومِ وَالحِكَمِ (١/ ٣٨١).
(٢) وَمِثْلُهُ النَّهْيُ عَنِ التَّمْثِيلِ بِالقَتْلَى رُغْمَ أَنَّهُم مَوتَى؛ أَو سَيَمُوتُونَ عَلَى كُلِّ حَالٍ! كَمَا فِي حَدِيثِ بُرَيدَةَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (١٧٣١) «وَلَا تُمَثِّلُوا».
(٣) صَحِيحٌ. ابْنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِلِ (٨/ ١٧٣) عَنْ سَمُرَةَ مَرْفُوعًا. صَحِيحُ الجَامِعِ (١٨٢٣).
(٤) صَحِيحٌ. ابْنُ عَدِيٍّ فِي الكَامِلِ (٧/ ٣٠٧) عَنْ أَنَس مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٤٦٩).

<<  <   >  >>