نِيَّةٍ، كَمَنْ لَا يَسْرِقُ لِكَونِهِ غَنِيًّا، وَمَنْ لَا يَعُقُّ وَالِدَيهِ مِنْ جِهَةِ كَونِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ المَذْمُومَةِ عَادَةً وَعُرْفًا.
- قَولُهُ: (وَلَمْ أَزِدْ عَلى ذَلِكَ شَيئًا أَدْخُلُ الجَنَّةَ؟): لَا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَزِيدُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنَ العِبَادَاتِ الَّتِي قَدْ عُلِمَ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ النُّصُوصِ وُجُوبُهَا وَتَحْرِيمُ تَرْكِهَا! وَلَكِنَّ مَقْصُودَهُ لَمْ أَزِدْ عَلَى الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ شَيئًا مِنَ التَّطَوُّعِ فِي الصَّلَاةِ، وَلَمْ أَزِدْ عَلَى صِيَامِ رَمَضَانَ شَيئًا مِنَ الصِّيَامِ؛ وَلَيسَ أَنَّهُ لَا يَعْمَلُ إِلَّا الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ دُونَ سَائِرِ الوَاجِبَاتِ!
وَمِثْلُهُ حَدِيثُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيدِ اللهِ أَنَّهُ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ -ثَائِرَ الرَّاسِ، يُسْمَعُ دَوِيُّ صَوتِهِ وَلَا يُفْقَهُ مَا يَقُولُ- حَتَّى دَنَا، فَإِذَا هُوَ يَسْأَلُ عَنِ الإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي اليَومِ وَاللَّيلَةِ»، فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيرُهَا؟ قَالَ: «لَا؛ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «وَصِيَامُ رَمَضَانَ»، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيرُهُ؟ قَالَ: «لَا؛ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ»، قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ الزَّكَاةَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيرُهَا؟ قَالَ: «لَا؛ إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ». قَالَ: فَأَدْبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلَا أَنْقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «أَفْلَحَ إِنْ صَدَقَ». مُتَّفَقٌ عَلَيهِ (١).
- إِنَّ دُخُولَ الجَنَّةِ فِي النُّصُوصِ يُرَادُ بِهِ نَوعَان: دُخُولٌ أَوَّلِيٌّ: يَعْنِي ابْتِدَاءً لَا يَسْبِقُهُ عَذَابٌ، وَدُخُولٌ مَآلِيٌّ.
وَالنَّفْيُ كَذَلِكَ جَاءَ عَلَى نَوعَينِ، هُمَا: نَفْيٌ مُطْلَقٌ: يَعْنِي لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَبَدًا، وَنَفْيٌ أَوَّلِيُّ: يَعْنِي لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ النَّارَ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْهَا إِلَى الجَنَّةِ.
(١) البُخَارِيُّ (٤٦)، وَمُسْلِمٌ (١١).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute