للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالَّذِينَ يُنْفَى عَنْهُم الدُّخُولُ الأَوَّلِيُّ لِلجَنَّةِ هُمْ أَهْلُ التَّوحِيدِ الَّذِينَ لَهُم ذُنُوبٌ -وَلَمْ يَغْفِرِ اللهُ تَعَالَى لَهُم أَوَّلًا- فَيُطَهَّرُونَ مِنْهَا بِالنَّارِ ثُمَّ يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، كَمَا فِي الحَدِيثِ «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ عَاقٌّ، وَلَا مَنَّانٌ، وَلَا وَلَدُ زِنْيَةٍ، وَلَا مُدْمِنٌ خَمْرٍ» (١).

وَأَمَّا الَّذِينَ يُنْفَى عَنْهُم الدُّخُولُ المُطْلَقُ لِلجَنَّةِ -أَي لَا يَدْخُلُونَهَا لَا أَوَّلًا وَلَا آخِرًا- فَهَؤُلَاءِ هُمْ أَهْلُ الكُفْرِ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللهَ هُوَ المَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ المَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللهُ عَلَيهِ الجَنَّةَ وَمَاوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المَائِدَة: ٧٢].

وَدَلَّ أَيضًا عَلَى تَفْصِيلِ دُخُولِ النَّارِ -مِنْ جِهَةِ التَّخْلِيدِ أَوِ الدُّخُولِ الأَوَّلِيِّ- الحَدِيثُ: «أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا؛ فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا وَلَا يَحْيَونَ، وَلَكِنْ نَاسٌ أَصَابَتْهُمُ النَّارُ بِذُنُوبِهِمْ -أَو قَالَ: بِخَطَايَاهُمْ- فَأَمَاتَتْهُمْ إِمَاتَةً حَتَّى إِذَا كَانُوا فَحْمًا أُذِنَ بِالشَّفَاعَةِ، فَجِيءَ بِهِمْ ضَبَائِرَ ضَبَائِرَ؛ فَبُثُّوا عَلَى أنْهَارِ الجَنَّةِ، ثُمَّ قِيلَ: يَا أهْلَ الجَنَّةِ؛ أَفِيضُوا عَليهِمْ، فَينْبِتُونَ نَبَاتَ الحِبَّةِ تَكُونُ فِي حَمِيلِ السَّيلِ» (٢)، فَفِيهِ


(١) صَحِيحٌ. الدَّارِمِيُّ (٢١٣٨) عَنْ عَبْد اللهِ بْنِ عَمْرو مَرْفُوعًا. الصَّحِيحَةُ (٦٧٣).
وَأَمَّا قَولُهُ "وَلَدُ زِنْيَةٍ»: «أُرِيدَ بِهِ مَنْ تَحَقَّقَ بِالزِّنَى حَتَّى صَارَ غَالِبًا عَلَيهِ؛ فَاسْتَحَقَّ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوبًا إلَيهِ؛ فَيُقَالَ: هُوَ ابْنٌ لَهُ، كَمَا يُنْسَبُ المُتَحَقِّقُونَ بِالدُّنْيَا إلَيهَا؛ فَيُقَالُ لَهُمْ: بَنُو الدُّنْيَا؛ لِعِلْمِهِمْ لَهَا وَتَحَقُّقِهِمْ بِهَا، وَتَرْكِهِمْ مَا سِوَاهَا". (شَرْحُ مُشْكِلِ الآثَارِ) لِلطَّحَاوِيِّ (٢/ ٣٧٢).
(٢) صَحِيحُ مُسْلِمِ (٢٩٩) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ مَرْفُوعًا.
وَالضَّبَائِرُ: الجَمَاعَاتُ.
وَحَمِيلُ السَّيلِ: مَا حَمَلَهُ السَّيلُ مِنْ نَحْوِ طِينٍ أَو غُثَاءٍ.
والحِبَّةِ -بِكَسْرِ المُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ-: بُزُورُ الصَّحْرَاءِ.

<<  <   >  >>