بَيَانُ أَنَّ دُخُولَ النَّارِ أَيضًا نَوعَانِ.
- فِي هَذَا الحَدِيثِ وَأَمْثَالِهِ أَنَّ هَذِهِ الأَعْمَالَ أَسْبَابٌ لِدُخُولِ الجَنَّةِ، وَلَكِنْ لَمْ تُذْكَرْ فِيهِ مَوَانِعُ دُخُولِ الجَنَّةِ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ أَنَّ ارْتِكَابَ بَعْضِ الكَبَائِرِ يَمْنَعُ دُخُولَ الجَنَّةِ.
وَكَمَا فِي الحَدِيثِ «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ» (١)،
وَقَولِهِ: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ» (٢)،
وَقَولِهِ: «لا تَدْخُلُوا الجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا، وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا، أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ؟ أَفْشُوا السَّلَامَ بَينَكُمْ» (٣)،
وَكَمَا فِي الحَدِيثِ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ الجُهَنِيِّ؛ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ شَهِدْتُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّكَ رَسُولُ اللهِ، وَصَلَّيتُ الخَمْسَ، وَأَدَّيتُ زَكَاةَ مَالِي، وَصُمْتُ شَهْرَ رَمَضَانَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ مَاتَ عَلَى هَذَا كَانَ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ يَومَ القِيَامَةِ هَكَذَا -وَنَصَبَ إِصْبَعَيهِ- مَا لَمْ يَعُقَّ وَالِدَيهِ» (٤)، وَغَيرِهَا كَثِيرٌ.
- وَأَمَّا مَعْنَى النُّصُوصِ الَّتِي جَاءَتْ فِي تَرَتُّبِ دُخُولِ الجَنَّةِ عَلَى مُجَرَّدِ التَّوحِيدِ (٥)؛ فَلَا يَعْنِي أَنَّهُ لَا يُعَذَّبَ صَاحِبُهَا بِالنَّارِ عَلَى ذُنُوبِهِ مُطْلَقًا! وَصَحِيحٌ أَنَّ
(١) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٥٩٨٤)، وَمُسْلِمٌ (٢٥٥٦) عَنْ جُبَيرِ بْنِ مُطْعِمٍ مَرْفُوعًا.
(٢) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٩١) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا.
(٣) رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٥٤) عَنْ أَبِي هُرَيرَةَ مَرْفُوعًا.
(٤) صَحِيحٌ. أَحْمَدُ (٣٩/ ٥٢٢). صَحِيحُ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ (٢٥١٥).
(٥) كَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ المَرْفُوعِ «أَتَانِي جِبْرِيلُ فَبَشَّرَنِي أَنَّهُ مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيئًا دَخَلَ الجَنَّةَ، فَقُلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإنْ سَرَقَ؟! فَقَالَ: وَإنْ زَنى وَإنْ سَرَقَ». رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٧٤٨٧)، وَمُسْلِمٌ (٩٤).