المَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: مَا أَنْوَاعُ الهِدَايَةِ عُمُومًا؟
الجَوَابُ: أَنْوَاعُ الهِدَايَةِ -المَعْنَوِيَّةِ- فِي الشَّرِيعَةِ أَرْبَعَةٌ:
١ - هِدَايَةُ الفِطْرَةِ (الغَرِيزَةِ): وَهِيَ هِدَايَةُ المَخْلُوقِ إِلَى مَا فِيهِ بَقَاءُ حَيَاتِهِ وَحُسْنُ مَعَاشِهِ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى عَنْ مُوسَى عَلَيهِ السَّلَامُ: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طَه: ٥٠]، يَعْنِي هَدَاهُ إِلَى مَا فِيهِ مَصْلَحَتُهُ فِي دُنْيَاهُ، كَهِدَايَةِ الطَّيرِ إِلَى صُنْعِ العُشِّ، وَهِدَايَةِ الرَّضِيعِ إِلَى الثَّدْي وَما أَشْبَهَ.
٢ - هِدَايَةُ الدِّلَالَةِ وَالإِرْشَادِ: وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِكُلِّ مَنْ دَلَّ إِلَى الخَيرِ، وَهِيَ الأَكْثَرُ فِي القُرْآنِ، كَمَا فِي قَولِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَومٍ هَادٍ} [الرَّعْد:٧].
٣ - هِدَايَةُ التَّوفِيقِ لِلإِيمَانِ: وَهِيَ خَاصَّةٌ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ؛ فَهُوَ الَّذِي يُوَفِّقْ وَيُلْهِم، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَا تَوفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ} [هُود: ٨٨]،
وَكَمَا قَالَ تَعَالَى أَيضًا: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القَصَص: ٥٦] (١).
٤ - هِدَايَةُ دُخُولِ الجَنَّةِ أَوِ النَّارِ: وَهِيَ مُرَتَّبَةٌ عَلَى مَا سَبَقَ مِنَ الإِيمَانِ وَالكُفْرِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [يُونُس: ٩]،
(١) قَالَ الإِمَامُ الرَّازِي رَحِمَهُ اللهُ: "قَالَ تَعَالَى فِي هَذِهِ الآيَةِ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الشُّورَى: ٥٢]! وَلَا تَنَافِيَ بَينَهُمَا؛ فَإِنَّ الَّذِي أَثْبَتَهُ وَأَضَافَهُ إِلَيهِ: الدَّعْوَةُ وَالبَيَانُ، وَالَّذِي نَفَى عَنْهُ هِدَايَةُ التَّوفِيقِ، وَشَرْحُ الصَّدْرِ، وَهُوَ نُورٌ يُقْذَفُ فِي القَلْبِ فَيَحْيَا بِهِ القَلْبُ، كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ: {أَوَمَنْ كَانَ مَيتًا فَأَحْيَينَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا} [الأَنْعَام: ١٢٢] الآيَةُ". تَفْسِيرُ الرَّازِي (٥/ ٢٥).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute