للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

دَعْوَاهُ ظَهَرَ أَنَّ يَمِينَ المُدَّعَى عَلَيهِ كَانَتْ فَاجِرَةً -أَي: كَاذِبَةً-، فَسَمَاعُ هَذِهِ البَيِّنَةِ العَادِلَةِ أَولَى بِالقَبُولِ مِنْ تِلْكَ اليَمِينِ الفَاجِرَةِ؛ فَتُسْمَعُ هَذِهِ البَيِّنَةُ وَيُقْضَى بِهَا. وَاللهُ أَعْلَمُ" (١).

إِلَّا أَنَّهُ إِنْ كَانَ لَدَى المُدَّعَى عَلَيهِ بَيِّنَةٌ يُدْلِي بِهَا؛ فيَكُونُ الأَمْرُ لِلقَاضِي فِي الحُكْمِ وَالنَّظَرِ فِي التَّرْجِيحِ بَينَهَا.

- إِنَّ الحَاكِمَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمُجَرَّدِ رَايِهِ وَلَا بِعِلْمِهِ فِي الوَقَائِعِ! وَإِنَّمَا بِمَا دَلَّتْ عَلَيهِ الدَّلَائِلُ.

قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَينَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النِّسَاء: ١٠٥].

- إِنَّ حُكْمَ الحَاكِمِ لَا يُحِلُّ الحَرَامَ! وَإِنَّمَا هُوَ يَقْضِي بِحَسْبِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ.

كَمَا فِي الصَّحِيحَينِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَلْحَنُ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ؛ فَمَنْ قَضَيتُ لَهُ بِحَقِّ أَخِيهِ شَيئًا بِقَولِهِ فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ؛ فَلَا يَاخُذْهَا» (٢).

- قَولُهُ: «البَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِي وَاليَمينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»: يُسْتَثْنَى مِنْهَا نَوعَانِ:

١ - القَسَامَةُ:

قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ رَحِمَهُ اللهُ: " القَسَامَةُ -بِالفَتْحِ- اليَمِينُ كَالقَسَمِ، وَحَقِيقَتُهَا أَنْ يُقْسِمَ مِنْ أَولِيَاءِ الدَّمِ خَمْسُونَ نَفَرًا عَلَى اسْتِحْقاقِهِم دَمَ صَاحِبِهِم إِذَا وَجَدُوهُ قَتِيلًا بَينَ قَومٍ


(١) عُمْدَةُ القَارِي (١٣/ ٢٥٧).
(٢) البُخَارِيُّ (٢٦٨٠)، وَمُسْلِمٌ (١٧١٣).

<<  <   >  >>