للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَلَمْ يُعْرَفَ قَاتِلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا خَمْسِينَ أقْسَمَ المَوجُودُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا" (١).

وَوَجْهُ المُخَالَفَةِ فِيهَا لِلأَصْلِ: أَنَّ اليَمِينَ كَانَتْ لِلمُدَّعِي، وَأَنَّهَا خَمْسُونَ يَمِينًا، وَأَنَّ الأَيمَانَ قَدْ تَكُونُ لِشَيءٍ غَيرِ مُشَاهَدٍ.

قَالَ الشَّيخُ ابْنُ عُثَيمِين رَحِمَهُ اللهُ: " وَهِيَ مُطَابِقَةٌ لِلقَوَاعِدِ الشَّرْعِيَّةِ، لِأَنَّ أَيمَانَهُم بِمَثَابَةِ البَيِّنَةِ، وَكَثْرَةُ الأَيمَانِ هِيَ لِعِظَمِ شَانِ الدِّمَاءِ، بِخِلَافِ الأَمْوَالِ" (٢).

٢ - اليَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ الوَاحِدِ:

عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ " قَضَى بِاليَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الوَاحِدِ" (٣)، حَيثُ جُعِلَ هَذَا يَمِينًا لِلمُدَّعِي.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَالعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَغَيرِهِمْ؛ رَأَوا: أَنَّ اليَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ الوَاحِدِ جَائِزٌ فِي الحُقُوقِ وَالأَمْوَالِ، وَهُوَ قَولُ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ، وَقَالُوا:

لَا يُقْضَى بِاليَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الوَاحِدِ إِلَّا فِي الحُقُوقِ وَالأَمْوَالِ، وَلَمْ يَرَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْ أَهْلِ الكُوفَةِ وَغَيرِهِمْ أَنْ يُقْضَى بِاليَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ الوَاحِدِ" (٤).


(١) النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ وَالأَثَرِ (٤/ ٦٢).
وَقَالَ أَيضًا رَحِمَهُ اللهُ: "وَلَا يَكُونُ فِيهِم صَبِيٌّ وَلَا امْرَأَةٌ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا عَبْدٌ، أَو يُقْسِمُ بِهَا المُتَّهَمُونَ عَلَى نَفْي القَتْلِ عَنْهُم، فَإِنْ حَلَفَ المُدَّعُونَ اسْتَحَقُّوا الدِّيَةَ، وَإِنْ حَلَفَ المُتَّهَمُونَ لَمْ تَلْزمْهُمُ الدِّيَةُ".
قُلْتُ: وَحَدِيثُ القَسَامَةِ رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٦٨٨٩)، وَمُسْلِمٌ (١٧١٣).
(٢) شَرْحُ الأَرْبَعِينَ (ص: ٣٣٢) بِتَصَرُّفٍ يَسِيرٍ.
(٣) صَحِيحٌ. التِّرْمِذِيُّ (١٣٤٤). صَحِيحُ سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ (١٣٤٤)، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ (١٧١٢) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا نَحْوَه.
(٤) التِّرْمِذِيُّ (٣/ ٦٢٠).

<<  <   >  >>