للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظَنِّهِ الانْتِفَاعُ؛ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيهِ، وَيَكُونُ الحَالُ إِذًا عَلَى الاسْتِحْبَابِ.

وَهَذَا القَولُ أَظْهَرُ عِنْدِي وَأَصَحُّ، وَهُوَ قَولُ جَمَاعَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُم، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ الصَّحَابَةَ رِضْوَانُ اللهِ عَلَيهِم دَخَلُوا عَلَى وُلَاةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَدَخَلُوا عَلَى بَعْضِ الأُمَرَاءِ فِي زَمَنِهِم، فَوَجَدُوا عِنْدَهُم مُنْكَرَاتٍ فَلَمْ يُنْكِرُوا! فَحُمِلَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِم عَدَمُ الانْتِفَاعِ بِالأَمْرِ وَالنَّهْي؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى مِنْ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى أَنَّهُم تَرَكُوا وَاجِبًا!

وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّهُ لَا يَجِبُ؛ يَبْقَى الاسْتِحْبَابُ حِمَايَةً لِلْشَّرِيعَةِ، وَصِيَانَةً لِهَذَا الوَاجِبِ الشَّرْعِيِّ، وَكَمَا جَاءَ فِي الحَدِيثِ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ؛ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا هَذَا، اتَّقِ اللَّهَ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَكَ، ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ، فَلَا يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا

ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ» (١)! يَعْنِي أَنَّهُ يَامُرُهُ مَرَّةً وَيَتْرُكُ ذَلِكَ، فَيَبْقَى هَذَا عَلَى جِهَةِ الاسْتِحْبَابِ دَائِمًا إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ فِي إِنْكَارِ المُنْكَرِ" (٢).


(١) ضَعِيفٌ. أَبُو دَاودَ (٤٣٣٦) مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا. الضَّعِيفَةُ (٢٠١).
(٢) شَرْحُ الأَرْبَعِينَ النَّوَوِيَّةِ لصَالِح آلِ الشَّيخِ (ص: ٤٦٧).

<<  <   >  >>