للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

- المَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: أَلَا يَتَعَارَضُ بَيعُ المَزَادِ مَعَ الحَدِيثَ «وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَىَ بَيعِ بَعْضٍ»؟

الجَوَابُ: لَا تَعَارُضَ، فَقَدْ ثَبَتَ فِعْلُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، كَمَا فِي المُتَّفَقِ عَلَيهِ عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ؛ " أَنَّ رَجُلًا أَعْتَقَ غُلَامًا لَهُ عَنْ دُبُرٍ (١)، فَاحْتَاجَ؛ فَأَخَذَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «مَنْ يَشْتَرِيهِ مِنِّي؟» فَاشْتَرَاهُ نُعَيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بِكَذَا وَكَذَا، فَدَفَعَهُ إِلَيهِ" (٢).

قَالَ الحَافِظُ زَينُ الدِّينِ العِرَاقِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: " وَأَمَّا السَّومُ فِي السِّلْعَةِ الَّتِي تُبَاعُ فِيمَنْ يَزِيدُ؛ فَلَيسَ بِحَرَامٍ، وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالجُمْهُورُ بِجَوَازِ البَيعِ وَالشِّرَاءِ فِيمَنْ يَزِيدُ، وَكَرِهَهُ بَعْضُ السَّلَفِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَبْدِ البَرِّ الإِجْمَاعَ عَلَى الجَوَازِ" (٣).

قُلْتُ: وَلَعَلَّ مِنْ عِلَّةِ جَوَازِ بَيعِ المُزَايَدَةِ أَنَّهُ يَكُونُ المُشْتَرِي لَيسَ بِمَعْرُوفٍ أَصْلًا، وَلَمْ يَجْرِي بَينَهُ وَبَينَ البَائِعِ سَومٌ خَاصٌّ؛ فَلِذَلِكَ لَمْ يَنْشَا عَنْهُ التَّبَاغُضُ الَّذِي هُوَ عِلَّةُ المَحْذُورِ فِي البَيعِ، وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.


(١) "مَعْنَى (أَعْتَقَهُ عَنْ دُبُرٍ) أَيْ: دَبَّرَهُ فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي، وَسُمِّيَ هَذَا تَدْبِيرًا لِأَنَّهُ يَحْصُلُ العِتْقُ فِيهِ فِي دُبُرِ الْحَيَاةِ". شَرْحُ النَّوَوِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ (١١/ ١٤١).
(٢) رَوَاهُ البُخَارِيُّ (٢١٤١)، وَمُسْلِمٌ (٩٩٧).
وَبَوَّبَ عَلِيهِ البُخَارِيُّ: «بَابُ بَيعِ المُزَايَدَةِ».
(٣) طَرْحُ التَّثْرِيبِ (٦/ ٧١).

<<  <   >  >>