أَعْرَضَ عَنْهُ -صَنَعَ ذَلِكَ مِرَارًا- حَتَّى عَرَفَ الرَّجُلُ الغَضَبَ فِيهِ وَالإِعْرَاضَ عَنْهُ، فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى أَصْحَابِهِ؛ فَقَالَ: وَاللَّهِ إِنِّي لأُنْكِرُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ! قَالُوا: خَرَجَ فَرَأَى قُبَّتَكَ. قَالَ: فَرَجَعَ الرَّجُلُ إِلَى قُبَّتِهِ فَهَدَمَهَا حَتَّى سَوَّاهَا بِالأَرْضِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَلَمْ يَرَهَا، قَالَ: «مَا فَعَلَتِ القُبَّةُ؟». قَالُوا: شَكَا إِلَينَا صَاحِبُهَا إِعْرَاضَكَ عَنْهُ؛ فَأَخْبَرْنَاهُ فَهَدَمَهَا، فَقَالَ: «أَمَا إِنَّ كُلَّ بِنَاءٍ وَبَالٌ عَلَى صَاحِبِهِ إِلَّا مَا لَا؛ إِلَّا مَا لَاَ». يَعْنِي مَا لَا بُدَّ مِنْهُ» (١).
- قَولُهُ: «فَأَخْبِرْنِي عَنْ أَمَارَاتِهَا»: أَمَارَاتُ السَّاعَةِ نَوعَانِ: صُغْرَى كَمَا فِي هَذَا الحَدِيث، وَكُبْرَى.
قَالَ الشَّيخُ صَالِحُ آلِ الشَّيخِ حَفِظَهُ اللهُ: "الأَشْرَاطُ جَمْعُ شَرَطٍ، وَالشَّرَطُ هُوَ العَلَامَةُ الَّتِي تُفَرِّقُ الشَّيءَ وتُمَيِّزُهُ عَنْ غَيرِهِ.
وَأَشْرَاطُ السَّاعَةِ المَقْصُودُ بِهَا الآيَاتُ وَالعَلَامَاتُ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى قُرْبِ قِيَامِ السَّاعَةِ، إِمَّا دُنُوًّا؛ فَتَكُونُ أَشْرَاطًا كُبْرَى، وَإِمَّا دِلَالَةً عَلَى القُرْبِ؛ فَتَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ الأَشْرَاطِ الصُّغْرَى.
وَقَدْ جَاءَ ذِكْرُ كَلِمَةِ الأَشْرَاطِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ فِي سُورَةِ مُحَمَّدٍ، قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أنَّ تَاتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا} [مُحَمَّد: ١٨]، وَأَفَادَتِ الآيَةُ فَائِدَتَينِ:
الفَائِدَة الأُولَى: أَنَّ السَّاعَةَ لَهَا أَشْرَاطٌ وَعَلَامَاتٌ.
الفَائِدَة الثَّانِيَةَ: أَنَّ أَشْرَاطَ السَّاعَةِ قَدْ وَقَعَتْ فِي وَقْتِ تَنَزُّلِ القُرْآنِ عَلَى
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ.
(١) صَحِيحٌ. أَبُو دَاوُدَ (٥٢٣٧). الصَّحِيحَةُ (٢٨٣٠).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute