للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ مِنَ الأَشْرَاطِ مَا يَكُونُ بَعِيدًا عَنْ وُقُوعِ السَّاعَةِ وَمِنْهَا مَا يَكُونُ قَرِيبًا مِنْ وُقُوعِ السَّاعَةِ" (١).

- فِي الحَدِيثِ دِلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الإِسْلَامَ غَيرُ الإِيمَانِ، لِأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيهِ السَّلَامُ قَالَ: «أَخْبِرْنِي عَنِ الإِسْلَامِ»، وَقَالَ: «أَخْبِرْنِي عَنِ الإِيمَانِ». وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى التَّغَايُرِ.

وَقَولُ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ هُوَ: إِنْ ذُكِرَ الإِيمَانُ وَحْدَهُ دَخَلَ فِيهِ الإِسْلَامُ، وَإِنْ ذُكِرَ الإِسْلَامُ وَحْدَهُ دَخَلَ فِيهِ الإِيمَانُ، فَقَولُهُ تَعَالَى: {وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا} [المَائِدَة: ٣] يَشْمَلُ الإِيمَانَ، وَقَولُهُ تَعَالَى: {فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ} [آل عِمْرَان: ٢٠] يَشْمَلُ الإِيمَانَ.

كَذَلِكَ الإِيمَانُ إِذَا ذُكِرَ وَحْدَهُ دَخَلَ فِيهِ الإِسْلَامُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: {وَبَشِّرالمُؤْمِنِينَ} [الصَّف: ١٣] بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ {تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [الصَّف: ١١].

أَمَّا إِذَا ذُكِرَا جَمِيعًا فَإِنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ، وَيَكُونُ الإِسْلَامُ هُوَ الأَعْمَالُ الظَّاهِرَةُ مِنْ أَقْوَالِ اللِّسَانِ وَعَمَلِ الجَوَارِحِ، وَالإِيمَانُ هُوَ الأَعْمَالُ البَاطِنَةُ مِنْ اعْتِقَادَاتِ القُلُوبِ وَأَعْمَالِهَا، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى التَّفْرِيقِ هَذَا الحَدِيثُ وَغَيرُهُ؛ كَقَولِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ}

[الحُجُرَات: ١٤].

قَالَ شيخُ الإِسْلَام رَحِمَهُ اللهُ: "قَالَ الجُمْهُورُ مِنَ السَّلَفِ وَالخَلَفِ: بَلْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ وُصِفُوا بِالإِسْلَامِ دُونَ الإِيمَانِ قَدْ لَا يَكُونُونَ كُفَّارًا فِي البَاطِنِ، بَلْ مَعَهُمْ بَعْضُ الإِسْلَامِ المَقْبُولِ، وَهَؤُلَاءِ يَقُولُونَ: الإِسْلَامُ أَوسَعُ مِنَ الإِيمَانِ، فَكُلُّ


(١) قَالَ الشَّيخُ صَالِحُ آلِ الشَّيخِ حَفِظَهُ اللهُ شَرْحُ العَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّةِ، شَرِيط رَقَم (٤٨).

<<  <   >  >>