للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَائِدَةٌ، ثُمَّ كَلِمَةُ حَقٍّ وَإِنْصَافٍ فِي الدِّفَاعِ عَنِ الإِمَامِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ:

قَالَ الإِمَامُ البَرْبَهَارِيُّ (١) رَحِمَهُ اللهُ فِي عَقِيدَتِهِ المَشْهُورَةِ: "وَمَنْ قَالَ: الإِيمَانُ قَولٌ وَعَمَلٌ، يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؛ فَقَدْ خَرَجَ مِنَ الإِرْجَاءِ (٢) كُلِّهِ أَوَّلِهِ وَآخِرِهِ" (٣).

سُئِلَ الشَّيخُ العَلَّامَةُ ابْنُ عُثَيمِين رَحِمَهُ اللهُ عَن قَولِ البَعْضِ: إِنَّ الشَّيخَ الأَلْبَانِيَّ - رَحِمَهُ اللهُ - قَولُهُ فِي مَسَائِلِ الإِيمَانِ قَولُ المُرْجِئَةِ! فَمَا قَولُ فَضِيلَتِكُم فِي هَذَا؟

الجَوَابُ: "أَقُولُ كَمَا قَالَ الأَوَّلُ: أَقِلُّوا عَلَيهِ لَا أَبَا لِأَبِيكُم مِنَ اللَّومِ أَو سُدُّوا المَكَانَ الَّذِي سَدُّوا.

الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ عَالِمٌ مُحَدِّثٌ فَقِيهٌ، وَإِنْ كَانَ مُحَدِّثًا أَقْوَى مِنْهُ فَقِيهًا، وَلَا أَعْلَمُ لَه كَلَامًا يَدُلُّ عَلَى الإِرْجَاءِ أَبَدًا، لَكِنَّ الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يُكَفِّرُوا النَّاسَ يَقُولُونَ عَنْهُ وَعَنْ أَمْثَالِهِ إِنَّهُم مُرْجِئَةٌّ! فَهُوَ مِن بَابِ التَّلْقِيبِ بِأَلْقَابِ السُّوءِ.

وَأَنَا أَشْهَدُ لِلشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ بِالاسْتِقَامَةِ وَسَلَامَةِ المُعْتَقَدِ وَحُسْنِ المَقْصِدِ، وَلَكِنْ مَعَ ذَلِكَ لَا نَقُولُ إِنَّهُ لَا يُخْطِئُ، لِأَنَّهُ لَا أَحَدَ مَعْصُومٌ إِلَّا الرَّسُولُ عَلَيهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ" (٤) إِلَى آخِرِ مَا قَالَ رَحِمَهُ اللهُ.

وَقَالَ العَلَّامَةُ عَبْدُ المُحْسِنِ العَبَّادُ البَدْرُ حَفِظَهُ اللهُ: "وَإِنَّ مِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ أَنْ يُبْتَلَى عَدَدٌ قَلِيلٌ مِنْ طَلَبَةِ العِلْمِ بِالنَّيلِ مِنَ الشَّيخِ العَلَّامَةِ المُحَدِّثِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ وَوَصْفَهُ بِالإِرْجَاءِ! فِي الوَقْتِ الَّذِي سَلِمَ مِنْهُم دُعَاةُ التَّغْرِيبِ؛ قَتَلَةُ الأَخْلَاقِ، الَّذِينَ يَسْعَونَ جَاهِدِينَ لِلْإِفْسَادِ فِي بِلَادِ الحَرَمَينِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا، وَسَلِمَ مِنْهُم أَهْلُ الزَّنْدَقَةِ وَأَهْلُ الزَّيغِ وَالضَّلَالِ! وَكَأَنَّهُ لَيسَ أَمَامَهُم فِي المَيْدَانِ إِلَّا هَذَا الرَّجُلُ ذُو الجُهُودِ العَظِيمَةِ فِي خِدْمَةِ سُنَّةِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَبَيَانِ عَقِيدَةِ السَّلَفِ! وَمَا أَحْسَنَ الأَثْرَ الَّذِي نَقَلَهُ ابنُ كَثِيرٍ فِي البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ (١٣/ ١٢١) عَن سُفْيَانَ بنَ حُسَينٍ قَالَ: (ذَكَرْتُ رَجُلًا بِسُوءٍ عِنْدَ إِياسَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَنَظَرَ فِي وَجْهِي، وَقَالَ: أَغَزَوتَ الرُّومَ؟! قُلْتُ: لَا، قَالَ: فَالسِّنْدُ وَالهِنْدُ وَالتُّرْكُ؟! قُلْتُ: لَا، قَالَ: أَفَتَسْلَمُ مِنْكَ الرُّومُ وَالسِّنْدُ وَالهِنْدُ وَالتُّرْكُ وَلَمْ يَسْلَمْ مِنْكَ أَخُوكَ المُسْلِمُ؟! قَالَ: فَلَمْ أَعُدْ بَعْدَهَا)، وَهُم بِنَيلِهِم مِنَ الشَّيخِ الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ اللهُ يُهْدُونَ لَهُ بَعْضَ حَسَنَاتِهِم، وَمِنَ الخَيرِ لَهُم أَنْ يُبْقُوا عَلَى تِلْكَ الحَسَنَاتِ وَأَنْ يَسْتَفِيدُوا مِنْ عِلْمِهِ، وَيُوَجِّهُوا سِهَامَهُم إِلَى غَيرِهِ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ تُوَجَّهَ إِلَيهِ، وَقَدْ وَقَفْتُ فِي كَلَامِهِ عَلَى مَا يُوَضِّحُ سَلَامَتَهُ مِنَ الإِرْجَاءِ" (٥). إِلَى آخَرِ مَا قَالَ رَحِمَهُ اللهُ.


(١) هُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ؛ الحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ بْنِ خَلَفٍ البَرْبَهَارِيُّ (ف: ٣٢٩ هـ) صَاحِبُ العَقِيدَةِ المَشْهُورَةِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ.
(٢) "الإِرْجَاءُ عَلَى وَجْهَينِ: قَومٌ أَرْجَوا أَمْرَ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ؛ فَقَدْ مَضَى أُولَئِكَ، فَأَمَّا المُرْجِئَةُ اليَوْمَ فَهُم قَوْمٌ يَقُولُونَ: الإِيمَانُ قَوْلٌ بِلَا عَمِلٍ". رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ (تَهْذِيبُ الآثَارِ) (٦٥٩/ ٢) عَن سُفْيَانَ بْنَ عُيَينَةَ رَحِمَهُ اللهُ.
(٣) شَرْحُ السُّنَّةِ لِلْبَرْبَهَارِيِّ (ص: ١٢٩).
(٤) فِي لِقَاءِ إِدَارَةِ الدَّعْوَةِ بِوَزَارَةِ الأَوْقَافِ وَالشُّؤُونِ الإِسْلَامِيَّةِ فِي دَولَةِ قَطَرٍ مَعَ فَضِيلَتِهِ، بِتَارِيخ: ٧/ ٥/٢٠٠٠ م.
(٥) كِتَابُ (الحَقُّ فِي نُصُوصِ الوَعْدِ وَالوَعِيدِ وَسَطٌ بَينَ طَرَفَي الإِفْرَاطِ وَالتَّفْرِيطِ) (ص: ٩) لِلشَّيخِ عَبْدِ المُحْسِنِ بنِ حَمَدٍ العَبَّادِ.

<<  <   >  >>