ولا شك أن الأنبياء والرسل متفاضلون بنص القرآن، فأفضلهم على الإطلاق محمد ﷺ، ويليه إبراهيم، ويليه بقية أولي العزم، وهم في المشهور عند أهل العلم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، وهم المذكورون في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّنَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧)﴾ [الأحزاب]، وقوله تعالى: ﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى﴾ [الشورى: ١٣]. إذًا؛ فأفضل الأنبياء والرسل هم أولو العزم، وأفضلهم الخليلان، فالله تعالى قد أخبر أنه اتخذ إبراهيم خليلًا، ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (١٢٥)﴾ [النساء]، وأخبر النبي ﷺ أن الله اتخذه خليلًا كما اتخذ إبراهيم خليلًا (١).
أما ما جاء من النهي عن التفضيل في قوله ﷺ:«لا تفضلوا بين أنبياء الله»، فهذا محمول عند أهل العلم على التفضيل على وجه التعصُّب الذي يتضمن تنقُّص الآخر، كما يبينه سبب الحديث الصحيح: أن يهوديًّا عرض سلعة له فأُعطي بها شيئًا كرهه؛ فقال: لا والذي اصطفى موسى ﵇ على البشر، فسمعه رجل من الأنصار فلطم وجهه، قال: تقول: والذي اصطفى موسى ﵇ على البشر، ورسول الله ﷺ بين أظهرنا؟ فذهب اليهودي إلى رسول الله ﷺ فقال: يا أبا القاسم إن لي ذمة وعهدًا، وقال: فلان لطم وجهي، فقال رسول الله ﷺ:«لِمَ لطمت وجهه؟»، قال: قال يا رسول الله: والذي اصطفى موسى ﵇ على البشر، وأنت بين أظهرنا، قال: فغضب رسول الله ﷺ حتى عُرِف