للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عجز الخلق عن معرفة حِكَمِ وأسرار القدر

وقوله: «وأصل القدر سر الله تعالى في خلقه، لم يَطَّلع على ذلك ملك مقرب ولا نبي مرسل».

قدر الله وقضاؤه الشامل النافذ له حِكَمٌ و أسرار لا سبيل للخلق إلى معرفتها، فإن الخلق لا يحيطون به تعالى علمًا، لا بذاته ولا صفاته ولا أفعاله ولا بحكمته في خلقه وأمره، وما دام أن الله تعالى قد استأثر بذلك؛ فلا تطلب ما لا سبيل إلى معرفته، فالله قد استأثر بعلم كيفية صفاته فلا تطلب معرفة ذلك، ولا تسأل: كيف استوى؟ وكيف يغضب؟ وكيف ينزل؟ كل ذلك غير معقول لنا، ولا يمكن لعقولنا أن تصل إليه، كذلك أمر القدر، فالله قد استأثر بعلم أسرار القدر، وحِكَمه في أقداره على التفصيل.

فالأشياء التي نبهت عليها النصوص قد تُدرَك بالتدبر؛ لكن تأمَّلْ في خلق الله، هذا يجعله غنيًّا وهذا فقيرًا وهذا بين ذلك، وهذا مؤمنًا مهتديًا، وهذا ضالًّا، وهذا عاصيًا، وفي الخلق طويل وقصير، وجميل ودميم، وكل التفاوتات التي تلاحظها، أغنى الله هذا دون ذاك، وأفقر هذا دون ذاك، وجعل هذا طويلًا، وهذا قصيرًا، وجعل هذا عاقلًا، وهذا غير عاقل، وفي الناس: معتوه، وبليد وذكي، ويولد للإنسان العدد من

<<  <   >  >>