هذا فيه تنزيه أيضًا، وتقدَّم (١) بعض ما يجب تنزيه الله تعالى عنه لكن المؤلف يُثَنِّي، فيذكر بعض ما يجب تنزيه الله تعالى عنه، وما يجب إثباته له ﷾.
«لا تبلغه الأوهام»، يعني الظنون والخيالات، فلا تبلغه ظنون الظانين، ولا خيالات المتخيلين، فلا يمكن للعباد أن يدركوا حقيقة ذات الرب أو شيءٍ من صفاته بوهم وتخيل أبدًا.
«ولا تدركه الأفهام»، فالعباد يعرفون ربهم بما هداهم ﷾ به من الوحي، ومن الآيات الكونية، لكنهم لا يحيطون به علمًا؛ لذلك قال:«لا تدركه»، الإدراك فيه من معنى الإحاطة، ولم يقل: لا تعرفه الأفهام أو لا يعرفه العباد! لا، العبادُ يعرفون ربهم على حسب مراتبهم في معرفة ربهم، لكنهم لا يحيطون به علمًا، قال تعالى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ [الأنعام: ١٠٣]، وقال تعالى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠)﴾ [طه]، والله ﷾: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١]، وهذا يتضمن أن تخيل الإنسان وظنونه إنما هو مرتبطٌ بما يعرفه، والله تعالى ليس كمثله شيء.