للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما الإذن الشرعي فكقوله تعالى: ﴿مَا قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَى أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [الحشر: ٥].

والقضاء: قال تعالى: ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ﴾ [الإسراء: ٤] هذا قضاء كوني، وقال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣] هذا القضاء الشرعي.

والتحريم: قال تعالى: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ﴾ [القصص: ١٢] هذا تحريم كوني، لكن قوله تعالى: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ﴾ [المائدة: ٣]، و ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] هذا تحريم شرعي.

المقصود: أن قول الطحاوي: «ولا يكون إلا ما يريد» فيه تقرير وإثبات للإرادة الكونية، وفي هذا رد على المعتزلة؛ فإنهم ينفون الإرادة الكونية، ومن أصولهم الباطلة ما يسمونه ب «العدل»، ويدرجون فيه نفي القدر، ومن نفيهم للقدر: نفيهم عموم المشيئة، فعندهم أن مشيئة الله ليست عامة، فكل أفعال العباد عندهم ليست بمشيئة الله (١)، فالإنسان يقوم ويقعد، ويذهب ويجيء، ويقاتل، كل ذلك ليس بمشيئة الله! تبًّا لهم، تبًّا لهم، ما أضلهم، فقد أخرجوا عن مُلك الله كثيرًا مما في الوجود، ونسبوا ربَّ العالمين إلى العجز، تعالى الله عن قولهم علوًّا كبيرًا!

بل أفعال العباد لا خروج لها عن حُكم سائر الموجودات، وكل الموجودات محكومة بمشيئة الله وقدرته .

* * *


(١) التدمرية ص ٥٥٧.

<<  <   >  >>