للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تفويض العبد ما خفي عليه من العلم إلى الله]

وقوله: «ونقول: الله أعلم فيما اشتبه علينا علمه».

من منهج أهل السنة: تفويض علم ما لا علم لهم به، هذا تفويض واجب، وليس مثل تفويض المعطلة الذين ينفون الصفات، ثم يفوضون معاني النصوص فذاك مذهب باطل، وهذا التفويض الذي ذكره الطحاوي هو الذي أمر الله به نبيه في مثل قوله تعالى: ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ [الكهف: ٢٢]، وقوله: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (٢٥) قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (٢٦)[الكهف]، ولما سئل النبي عن أولاد المشركين قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين» (١). وهكذا الواجب على المسلم ألا يخوض فيما لا علم له به، قال تعالى: ﴿وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولا (٣٦)[الإسراء]، بل فَوِّض علم ما لا علم لك به وما أشكل عليك إلى الله، وقل: الله أعلم، وهذا من وقوف الإنسان عند حده، فلا يتجاوزه فيدعي علم ما لا علم له به، وإن قال: لا أدري فقد أحسن، فإن الذي يَدَّعي أو يخبر أو يجيب


(١) رواه البخاري (٦٥٩٧)، ومسلم (٢٦٦٠) من حديث ابن عباس .

<<  <   >  >>