للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويقول بعض المتكلمين: «كل ما خطر ببالك فإن الله تعالى بخلاف ذلك» (١).

وهذا كلامٌ مبتدع لم يأتِ في نص من كتاب ولا سنة، فيجب أن يحكم عليه بحكم الألفاظ المبتدعة المجملة.

«كل ما خطر ببالك»، إن أراد من الكيفيات فصحيح، والله بخلاف ذلك؛ لأن كل ما يخطر ببالك من الكيفيات فإنه راجعٌ إلى شيء من المخلوقات، والله تعالى بخلاف ذلك، ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١].

فكيفية ذات الرب وكيفية صفاته لا سبيل للعباد إلى معرفتها.

أما ما خطر ببالك من أنه فوق السماوات فهذا علم وحق، وليس بخاطر، ويجب الإيمان بأنه فوق السماوات، وما يخطر ببالك أنه ينزل كما أخبر الرسول (٢) فهذا حق، فكل ما يخطر ببالك من المعاني الثابتة فهو حق (٣).

إذًا؛ هذا التعبير لا يصح على الإطلاق، فهو لفظ مبتدع مجمل، فلا بد فيه من التفصيل، فالخواطر إما أن تكون مما يُعلم بطلانُه، أو مما يُعلم صحتُه، أو مما لا يُعلم صحتُه ولا بطلانُه فيمسك عنه، ولا يقال: إن الله بخلاف ذلك.

* * *


(١) الرد على الجهمية والزنادقة ص ٩٩، والاستقامة ١١٨.
(٢) بقوله: «ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر … » رواه البخاري (١١٤٥)، ومسلم (٧٥٨) من حديث أبي هريرة .
(٣) بيان تلبيس الجهمية ١/ ٣٢٣.

<<  <   >  >>