وفي سورة الرحمن ذكر الله خلق الثقلين، وخاطبهما وذكر جزاءهما، قال تعالى: ﴿يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ [الرحمن: ٣٣]، ﴿يُرْسَلُ عَلَيْكُمَا شُوَاظٌ مِنْ نَارٍ﴾ [الرحمن: ٣٥]، ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ (٣٩)﴾ [الرحمن]، وفي الثواب، ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (٤٧)﴾ [الرحمن] إلى آخر السورة.
ويظهر من آيات الأحقاف أن موسى ﷺ كذلك مرسلٌ إلى الجن، قال تعالى: ﴿وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (٢٩) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [الأحقاف].
واختلف الناس هل من الجن رسل، أم الرسل كلهم من الإنس؟
جمهور أهل العلم على أن الرسل من البشر، وأما الجن فمنهم دُعاة، ونُذُر (١)، قال تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى﴾ [يوسف: ١٠٩]، وإذا صح وعلم بالوحي أن الرسول ﷺ مرسلٌ إلى الجن، وموسى كذلك؛ عُلم أن إرسال الإنس إلى الجن يحصل به قيام الحجة عليهم.