للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢٢ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ٢٣﴾ [القيامة]، وفي الآية الأخرى: ﴿عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (٢٣) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (٢٤)[المطففين].

وقد دلَّ على رؤية المؤمنين لربهم القرآن، والسنة المتواترة عن النبي (١)، وأجمع على ذلك أهل السنة والجماعة؛ فأما القرآن فأصرح دليل في ذلك آية سورة القيامة التي ذكرها المصنف: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢)﴾، أي: بهيَّةٌ مشرِقَةٌ حسنةٌ، ﴿إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣)﴾ يعني: تنظر إلى ربها، وهذا الفعل: «نَظَرَ» يأتي على وجوه في اللغة العربية (٢):

- يأتي متعدِّيًا «بنفسه»، فيكون بمعنى الانتظار، قال تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ﴾ [الأعراف: ٥٣]، أي: هل ينتظرون إلا تأويله.

- ويأتي متعدِّيًا ب «في»، فيكون معناه: التفكر، قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ [الأعراف: ١٨٥]، وقال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ﴾ [الروم: ٨].

- ويأتي مُعدًّى ب «إلى»، فيُرادُ به نظر العين، قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ﴾ [ق: ٦]، وقال تعالى: ﴿أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ﴾ [الغاشية: ١٧].

ومما استُدلَّ به على إثبات الرؤية من القرآن قولُه تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦]، وقد بيَّن النبي أن الزيادة: هي النظر


(١) انظر: رؤية الله للدارقطني، شرح أصول اعتقاد أهل السنة ٣/ ٥٢٠، وحادي الأرواح ٢/ ٦٢٥، ونظم المتناثر من الحديث المتواتر ص ٢٥٠.
(٢) تهذيب اللغة ١٤/ ٣٧١، حادي الأرواح ٢/ ٦٢٣.

<<  <   >  >>