بترك تفسيرها، وهذا لا يقصده السلف، فإنه قد علم أن أهل السنة يثبتون حقيقة الرؤية، وأنها رؤية بصرية، ويصرحون بذلك، ويثبتون لله الصفات بالمعاني المعقولة المفهومة من النصوص، فإذا جاءت مثل هذه العبارات فلا بد أن نفهمها على وجهها الصحيح، «أمروها كما جاءت» أي: أجروها على ظاهرها، مثبتين لما دلت على ثبوته، بلا بحث عن الكيفية، ولا تحديد لِكُنْهِ تلك الصفات، وليس المقصود: أمروها ألفاظًا من غير فهم للمعنى! فهذا باطل؛ لأن مقتضاه أنَّا ما أثبتنا شيئًا.
فتفسيرها أن نجريها على ظاهرها بعدم صرفها عن ظاهرها، بترك التأويل في اصطلاح المتأخرين، ونجد في كلام بعض الأئمة نحو هذه الكلمة: الواجب في هذه النصوص عدم تأويلها، أو إجراؤها على ظاهرها بترك التأويل.
وتركُ التأويل ليس تركَ التفسير مطلقًا، فيكون خبر الله كلامًا لا يُفهَم معناه؛ لأن الكلام الذي لا يفهم معناه لا فائدة منه، تعالى الله عما يقول الجاهلون والظالمون علوًّا كبيرًا.
المقصود: أن عبارة الطحاوي من جنس عبارات بعض السلف التي تُوهِم أنه يقرر التفويض وليس كذلك، إذ كيف يقول:«الرؤية حق لأهل الجنة»، إذا كانت الرؤية لا تُفسَّر ولا تُفهَم، فلا معنى لقوله:«حقٌّ».
فمن يقول: إن الله خاطب عباده بما لا يفهم منه شيء لا يجوز أن يتكلم في النصوص بأنها تدل على كذا، أو لا تدل على كذا، كما أوضح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية في آخر القاعدة الخامسة من «الرسالة