للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال شيخ الإسلام : «لفظ الجهة قد يراد به شيء موجود غير الله فيكون مخلوقًا، كما إذا أريد بالجهة نفس العرش، أو نفس السماوات. وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى، كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم» (١).

فإذا أُريد بالجهة ما وراء العالم فالنافي للجهة مبطل، إذ ليس وراء العالم شيء مخلوق؛ بل وليس وراء العالم شيء موجود إلا الله تعالى.

وإذا أريد بالجهة شيء مخلوق، مثل أن يراد بالجهة نفس السماء أو العرش، وأن الرب سبحانه حال في ذلك؛ فالنافي لهذا مُحِق والمثبت له مُبطِل.

فإذا أريد بكلمة «الجهات» أشياء موجودة مخلوقة؛ فالله منزه من أن يحيط به شيء من المخلوقات؛ بل هو تعالى أعظم وأكبر من أن يحيط به شيء من المخلوقات؛ لأنه تعالى العظيم الذي لا أعظم منه فهو الذي ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾ [البقرة: ٢٥٥]، وهو الذي ﴿يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا﴾ [فاطر: ٤١]، ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ﴾ [الزمر: ٦٧]، لا يحيط به شيء من الجهات؛ لكنه في العلو فوق جميع المخلوقات، بائن من خلقه، ليس في ذاته شيء من مخلوقاته، ولا في المخلوقات شيء من ذاته.


(١) التدمرية ص ٢٤٤، وانظر: منهاج السنة ٢/ ٣٢١ و ٥٥٨ و ٦٤٨، وبيان تلبيس الجهمية ٣/ ٣٠٥، ودرء تعارض العقل والنقل ٥/ ٥٨ و ٧/ ١٥.

<<  <   >  >>