للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يتصل بالقدر، والموضوع لا شك أنه جدير بزيادة التقرير والتأكيد، وبيان ما يقتضيه الإيمان بالقدر، وتقدم (١) أنَّ جِماعَ الأمرِ الإيمانُ بالقدر بمراتبه الأربع، والإيمانُ يتضمن التسليم لحكم الله ولقدره، وترك المعارضة، والإمساك عن الخوض فيما طوى الله علمه عن العباد.

ويقول هنا: «ونؤمن باللوح والقلم، وبجميع ما فيه قد رُقِم»، من توابع الإيمان بالقدر الإيمان باللوح، واللوح المحفوظ ذكره الله تعالى بهذا اللفظ في سورة البروج، قال تعالى: ﴿فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظِ (٢٢)[البروج] واللوح المحفوظ هو: أم الكتاب، ﴿٣٨ يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد]، وهو الكتاب المبين المذكور في قوله تعالى: ﴿وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٥٩)[الأنعام]، وهو الكتاب المكنون: ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (٧٨)[الواقعة]، فقد ذكر بأسماء متعددة في القرآن: ﴿أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)[الحج].

فيجب الإيمان باللوح المحفوظ تصديقًا لخبر الله تعالى، وخبر رسوله ، وهو الذي كتب الله فيه مقادير كل ما هو كائن إلى يوم القيامة، «والقلم» أي: قلم المقادير الذي ورد فيه حديث عبادة بن الصامت أن الرسول قال: «أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب. قال: ما أكتب؟ قال: ما هو كائن إلى يوم القيامة» (٢)؛ فجرى القلم بما


(١) ص ١٩١ وما بعدها.
(٢) رواه أحمد ٥/ ٣١٧، وأبو داود (٤٧٠٠)، والترمذي (٢١٥٥) - وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه -، وابن جرير في تاريخه ١/ ٢٨، وصححه، والضياء في «المختارة» في مواضع منها: ٨/ ٣٥١ - ٣٥٣.

<<  <   >  >>