للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فنؤمن باللوح والقلم ولا نتكلم في كيفية اللوح، وكيفية القلم، وكيفية تلك الكتابة، فالله أعلم كيف كانت تلك الكتابة، كل ذلك غيب يجب أن نمسك عنه، ولا نخوض فيه، ولا نفكر فيه.

وقوله: «وبجميع»، أي: ونؤمن بجميع «ما فيه قد رُقم»، أي: كُتِب، فنؤمن إيمانًا مجملًا بأن الله كتب فيه مقادير الخلق، لكن هل نعلم ما رُقِم فيه وما كُتِب فيه؟ لا نعلم؛ إلا ما أخبر الله تعالى به ورسوله ؛ لكن نعلم أن كل ما يقع في الوجود فهو مكتوب؛ لكن قبل الوقوع لا ندري إلا أن يأتي فيه خبرٌ من معصوم.

وقوله: «لو اجتمع الخلق كلهم على شيء كتبه الله تعالى فيه أنه كائن، ليجعلوه غير كائن لم يقدروا عليه، ولو اجتمعوا كلهم على شيء لم يكتبه الله تعالى فيه ليجعلوه كائنًا لم يقدروا عليه»، يعني: لو اجتمع الخلق على أن يغيروا ما سبق به عِلم الله وكتابه لم يقدروا، وهذا معلوم بالضرورة أن الخلق لا يقدرون على تغيير قدر الله، ومن أدلة ذلك ما جاء في حديث ابن عباس عن النبي : «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رُفعت الأقلام وجفت الصحف» (١)، فالأمر قد فُرِغ منه، وهذا يوجب للعبد أن يعلق رجاءه وخوفه بربه لا بالأسباب ولا بالعباد؛


(١) رواه أحمد ١/ ٢٩٣، و الترمذي (٢٥١٦) - وقال: حسن صحيح -، والضياء في «المختارة» ١٠/ ٢٢ - ٢٥، وحسنه الحافظ ابن رجب في «جامع العلوم والحكم» ص ٣٤٥.

<<  <   >  >>