للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: «وما أخطأ العبدَ لم يكن ليصيبَه وما أصابه لم يكن ليخطئه».

هذا تأكيد، وقد جاء في الحديث عن النبي : «واعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك» (١)، فما حصل لك من خير أو شر فقد سبق في علم الله وكتابه أنه يصيبك ويحصل لك، وما أخطأك وما فاتك وما سلمت منه فقد سبق علم الله وكتابه بذلك، ولم يكن في علم الله وكتابه أنه يصيبك ثم يخطئك.

وقوله: «وعلى العبد أن يعلم أن الله قد سبق علمُه في كل كائن من خلقه، فقدر ذلك تقديرًا محكمًا مبرمًا، ليس فيه ناقض ولا معقب، ولا مزيل ولا مغير، ولا ناقص ولا زائد من خلقه في سماواته وأرضه».

هذه الجملة تؤكد ما سبق، وهي أعم من قوله (٢): «وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عدد من يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار جملة واحدة، فلا يُزاد في ذلك العدد، ولا يُنقص منه»، فهذه الجملة بخصوص عدد من يدخل الجنة، وعدد من يدخل النار، وقد علم الله ذلك كله؛ لكن هنا المؤلف يؤكد ما يتعلق بالمرتبة الأولى من مراتب القدر، فلا بد أن يعلم العبد أنه قد سبق علم الله بكل ما هو كائن، وسبق قضاؤه وحكمه قضاء مبرمًا محكمًا، فلا مُغَيِّر ولا ناقض، ولا زائد ولا ناقص لعلمه


(١) رواه أحمد ٥/ ١٨٢، وأبو داود (٤٦٩٩)، وابن ماجه (٧٧)، وابن حبان (٧٢٧) من حديث ابن الديلمي عن أبي بن كعب، وابن مسعود، وحذيفة موقوفًا، ورفعه زيد بن ثابت ، وقال الذهبي في «المهذب في اختصار السنن الكبير» ٨/ ٤٢١٣: إسناده صالح، وصححه ابن القيم في شفاء العليل ص ١١٣. وانظر: السلسلة الصحيحة (٢٤٣٩).
(٢) ص ١٩١.

<<  <   >  >>