للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبتدعة الذين ينفون علو الله يقولون: إنه في كل مكان، وإذا كان في كل مكان - تعالى الله عن ذلك - فلا تكون بعض المخلوقات عنده دون بعض؛ بل تصبح كل المخلوقات عنده؛ لأنه في كل مكان، فلا يختص الملائكة بقرب ولا يوجد قريب وبعيد!

إذًا؛ الله تعالى ليس في كل مكان، وإذا لم يكن في كل مكان - وهو كذلك - فلا بد أن يكون في أكمل الأمور والأحوال، وهو العلو لا في السفل.

كما يستدلون بالسؤال عنه ب «أين»؛ لأن من أدلة أهل السنة على إثبات علو الله على خلقه صحة السؤال عنه ب «أين» كما قال النبي للجارية: «أين الله؟» قالت: في السماء (١)، ونفاة العلو لا يجوز عندهم السؤال عن الله ب «أين» إنما يُسأل ب «أين» عمن هو في مكان، والله عندهم ليس في مكان، ويقولون المقولة التي فيها التضليل والتزوير: «كان الله ولا عرش، وهو على ما عليه كان»، ويتوصلون بهذا التعبير إلى نفي الاستواء على العرش (٢).

وإذا قلنا: إنه تعالى ليس في كل مكان؛ بل هو في العلو فليس معناه: أنه في مكان موجود محيط به؛ بل هو فوق العالم، وليس فوق العالم كله موجود إلا الله تعالى، فالله تعالى لا يحيط به شيء من المخلوقات؛ بل هو تعالى فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه، فتضمن قول الطحاوي: «محيط بكل شيء وفوقه» إثبات صفة الإحاطة وإثبات العلو لله تعالى، وبين إثبات العرش وإثبات العلو


(١) رواه مسلم (٥٣٧) من حديث معاوية بن الحكم .
(٢) الاستقامة ص ١٣٧، وسير أعلام النبلاء ١٨/ ٤٧٤، واجتماع الجيوش ص ٢٧٥.

<<  <   >  >>