للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في مكان واحد، وكذلك الكلام في القدر ونحو ذلك، ولم يعتنِ فيه بترتيب. وأحسن ما يرتب عليه كتاب أصول الدين ترتيب جواب النبي لجبريل حين سأله عن الإيمان» (١).

ولكن في الحقيقة هذا التفريق عندي له فائدة وهي: أن الصلة بهذه الأصول مستمرة لا تنقطع؛ فيتجدد الكلام ويتكرر؛ فيحصل بسبب ذلك التذكير والضبط، فعلى سبيل المثال: مسائل القدر جاءت متفرقة؛ لكن صار من فائدته: تجدد الكلام في القدر، وحصل فيه التأكيد ومزيد الإيمان والإيضاح؛ لكن إذا جُمع الكلام في موضع واحد فإنه مع طول الوقت يُغفل عنه.

فهنا قال: «ونؤمن بالملائكة والنبيين»، هذا إيمان مجمل، نؤمن بالملائكة كما ذكر، والإيمان بالملائكة كما جاء في السنة جاء في القرآن مقرونًا بالإيمان بالله في ثلاثة مواضع: في قوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّنَ﴾ [البقرة: ١٧٧]، وقال : ﴿وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١٣٦)[النساء]، وقال سبحانه: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٥]، فنؤمن بالملائكة الذين وصفهم الله بصفات كريمة، فقال تعالى عنهم: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ (٢٦) لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ (٢٧)[الأنبياء].


(١) ص ٦٨٩.

<<  <   >  >>