السنة لا نُكفِّر أحدًا من أهل القبلة بشيء من الذنوب التي دون الشرك، خلافًا للخوارج الذين يكفرون بالذنوب، وقد يعدون ما ليس بذنب ذنبًا فيُكفِّرون به، والخوارج هم الذين ظهروا بهذه البدعة في عهد علي ﵁ فقاتلهم، وقد أخبر الرسول ﷺ عنهم وندب إلى قتالهم، وذكر الأجر العظيم لمن قتلهم (١).
إذًا؛ الذنوب فيها مُكفِّر وغير مُكفِّر؛ فكل ما هو من أنواع الردة فهو مُكفِّر، كالشرك، والتكذيب بما جاء به الرسول ﷺ، والاستهزاء بالرسول ﷺ، أو بالقرآن، وهناك ذنوب اختلف العلماء في كفر فاعلها؛ كترك الصلاة.
وقوله:«ما لم يستحله»، أي: لا نكفره بهذا الذنب إلا أن يعتقد حله، فإن اعتقد حله كفر؛ كجحد وجوب الصلاة أو الحج أو صيام رمضان، وجحد تحريم المحرمات المعلوم حكمها بالضرورة من دين الإسلام؛ كتحريم الزنا، والخمر؛ لأنه يكون مكذبًا للقرآن والسنة المتواترة، وما أجمع عليه المسلمون، ومن اعتقد حل ما حرمه الله مما تحريمه معلوم من دين الإسلام بالضرورة فهو كافر حتى ولو لم يفعله؛ لأنه ليس من شرط ثبوت الردة بالاستحلال فعل المكلف لما استحله من الحرام.
* * *
(١) صحيح البخاري (٦٩٣٠ - ٦٩٣٢)، وصحيح مسلم (١٠٦٦) من حديث علي ﵁، والبخاري (٦٩٣٢)، ومسلم (١٠٦٤) من حديث أبي سعيد الخدري ﵁.