والخوف من مقامات الدين، والله أثنى على أوليائه بأنهم يخافونه ويرجونه: ﴿يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ [السجدة: ١٦]، وقال ﷾: ﴿يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبا﴾ [الأنبياء: ٩٠]، وقال ﷾: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ﴾ [الإسراء: ٥٧]، فهذا هو الصراط المستقيم في هذا المقام فلا أمن ولا يأس.
والأمور المقتضية للعمل ثلاثة: المحبة، والرجاء، والخوف، فالرسل وأتباعهم يعبدون ربهم حبًّا له تعالى، ورجاء لرحمته وفضله وثوابه، وخوفًا من سخطه وعقابه، فيعبدونه بكل هذه الأحوال والمقامات.
أما أهل الضلال فمنهم من يعبده بالحب فقط؛ كجهلة الصوفية وغلاتِهم، ويستخفون بمقام الرجاء والخوف.
ومنهم من يعبده بالرجاء كالمرجئة، ومنهم من يعبده بالمبالغة في الخوف كالخوارج، ولهذا قال بعض أهل العلم:«من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالحب والخوف والرجاء فهو مؤمن موحد»(١)، من كانت عبادته لربه فقط بالحب لا يخاف ولا يرجو،
(١) نسبه الغزالي في «إحياء علوم الدين» ٤/ ٢٥٧ إلى الإمام مكحول الدمشقي.