للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث: «الإيمان بضع وستون شعبة» (١)، وإن كان ما في القلب أصلاً لأعمال الجوارح كما في الحديث الصحيح عن النبي : «ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلَحت صلَح الجسد كلُه وإذا فسدت فسد الجسد كلُه ألا وهي القلب» (٢).

فالجوارح تابعة للقلب صلاحًا وفسادًا، وهو بالنسبة لها بمثابة الملك مع جنوده.

ومن شبهات المرجئة قولهم: إن الإيمان معناه في اللغة العربية: التصديق.

وقد رد ذلك ابن تيمية (٣) بوجوه كثيرة، منها:

أنه ليس كذلك في اللغة العربية؛ بل الإيمان أخص من مطلق التصديق، وهو الإيمان بالأمر الغائب الذي يؤتمن عليه المخبِر، فلا تقول لمن قال لك: طلعت الشمس: آمنتُ لك، بل صدقتُك، لكن تقول ذلك لمن أخبرك بأمر لا تدركه ولا تعرفه بحسك، كما قال إخوة يوسف: ﴿وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ (١٧)[يوسف]، فالإيمانُ في اللغة العربية تصديقٌ، لكن ليس كلُّ تصديقٍ يكون إيمانًا.

وهكذا بالنسبة للاستعمال، ف «آمن» يتعدى باللام وبالباء تقول: آمنتُ به، هذا بالنسبة للخبر أو المؤمَن به، وآمنت له بالنسبة للمخبِر، وأما


(١) تقدم في ص ٢٦٩.
(٢) رواه البخاري (٥٢)، ومسلم (١٥٩٩) من حديث النعمان بن بشير .
(٣) الإيمان الكبير ص ٢٨٩.

<<  <   >  >>