لكن هذا صاحب المذهب الآخر صلاته صحيحة؛ لأن هذا الذي أداه إليه علمه واجتهاده، فلا تُترك الصلاة للخلاف المذهبي في بعض شروطها؛ لأن في ترك الصلاة لذلك تفريق بين المسلمين، وهذه مفسدة كبرى، وفساد عريض، فلا تَترُكِ الصلاة خلف مخالفك في المذهب، فيجوز للحنبلي أن يصلي خلف الحنفي أو المالكي أو الشافعي، وكذا العكس.
وقوله:«من أهل القبلة» أي: من المسلمين.
أما من ظهر منه ما يوجب ردته - والعياذ بالله -فلا يصلى خلفه، وإن كان ينتسب للإسلام، ومن هذا النوع: القبوريون الذين يدعون الأموات، كالرافضة فهم قبورية مشركون، يدعون عليًّا والحسين ﵄ وغيرَهما، ويستغيثون بهم في الشدائد.
وقوله:«وعلى من مات منهم».
أي: ونرى صلاة الجنازة على من مات من المسلمين، فإن الصلاة على الميت فرض كفاية، وهي مستحبة لغير من تحصل بهم الكفاية، وقد رُوي حديثٌ ضعيف عن النبي ﷺ:«صلوا على من قال: لا إله إلا الله، وصلوا خلف من قال: لا إله إلا الله»(١)، لكن معناه صحيح دلت عليه نصوص أخرى.
ويُخَص من هذا الشهيد في المعركة على خلاف في ذلك؛ لأنه ثبت أن النبي ﷺ «أمر بدفن قتلى أحد في دمائهم، ولم يغسلوا، ولم يصلِّ
(١) رواه الدارقطني في سننه (١٧٦١ - ١٧٦٣) من حديث ابن عمر ﵄، وقال: ليس يثبت منها شيء، وضعفها البيهقي «السنن الكبرى» ٤/ ١٩، وانظر: نصب الراية ٢/ ٢٧، والتلخيص الحبير ٢/ ٩٣٤.