للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[البقرة: ٢٥٥]، فنفي السِّنة والنوم متضمن لكمال حياته وقيوميته، وقوله تعالى: ﴿وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨)[ق] متضمن لإثبات كمال قدرته ونهاية قوته، وقوله تعالى: ﴿لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ﴾ [سبأ: ٣] يتضمن كمال العلم، وقوله تعالى: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (٤٩)[الكهف] يتضمن كمال العدل، وقوله تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان: ٥٨] يتضمن كمال الحياة، وكذلك نفي العجز يتضمن كمال القدرة.

أما المعطلة فإنهم يصفونه بالنفي المحض؛ لأنهم قد يقولون: إن الله لا يجهل، وقد يقولون: إن الله لا يعجز، فيصفونه بالنفي، لكنهم لا يثبتون الأضداد، فيصفونه بالنفي المحض.

ولهذا جاء في المناظرة التي جرت بين عبد العزيز الكناني (١) وبين بشر المَرِيْسِي أنه لما طالبه بوصف الله بالعلم قال: أقول الله لا يجهل (٢)! لأن عنده أن نفي الجهل لا يستلزم إثبات علم، فيقول: الله لا يجهل.

فهذه قاعدة لا بد من ملاحظتها، وهي: أن الله موصوف بالإثبات والنفي، إثبات الكمال ونفي النقائص والعيوب والآفات ومماثلة


(١) عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم الكناني المكي: سمع من سفيان بن عيينة والشافعي، وقدم بغداد في أيام المأمون، وجرى بينه وبين بشر المريسي مناظرة في القرآن، وكان من أهل الفضل والعلم، وله مصنفات عدة، وكان ممن تفقه بالشافعي واشتهر بصحبته، توفي بعد الثلاثين ومائتين. تاريخ بغداد ١٢/ ٢١٢، وتقريب التهذيب ص ٦١٧.
(٢) الحيدة ص ٣١.

<<  <   >  >>