للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله: «فمن شاء منهم إلى الجنة فضلًا منه، ومن شاء منهم إلى النار عدلًا منه».

هذا شروعٌ في تقسيم الخلق، وأن الله جعلهم فريقين: سعداء وأشقياء، فمن العباد من خلقه للجنة، وبعمل أهل الجنة يعمل، ومنهم من خلقه للنار، وبعمل أهل النار يعمل، نعوذ بالله من النار.

فمن شاء الله له منهم أن يكون من أهل الجنة كان كذلك فضلًا من الله ، والله يؤتي فضله من يشاء، ومن شاء الله منهم إلى النار عدلًا، فحكمه في عباده دائر بين الفضل والعدل، وهذا المعنى ثناه المؤلف ، فقد تقدم (١) قوله: «يهدي من يشاء ويعصم ويعافي فضلًا، ويضل من يشاء ويخذل ويبتلي عدلًا».

والله تعالى أعلم بعباده، ﴿رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ إِنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (٥٤)[الإسراء]، ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨)[الحجرات]، ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّنَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (٧٠)[النساء]، ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤)[إبراهيم]، هذا كله يرجع إلى الإيمان بالقدر: الإيمان بعلم الله السابق


(١) ص ٨٩.

<<  <   >  >>