للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهم يَقْرُبُون في هذا من قول الجبرية؛ لأن قولهم يتضمن: أنه لا أثر لقدرتهم في وجود أفعالهم، كما تقدم ذكر ذلك في الأسباب (١) وقولهم: إن الماء لا أثر له في حصول الرِّي، ولا أثر للطعام في حصول الشِّبع، ولا أثر لقدرة العبد في حصول فعله. هذا قول الأشاعرة، وقد ذُكر كسبُ الأشعري من الأشياء التي لا حقيقة لها (٢).

والله أعلم بمراد الطحاوي؛ لأن كلمة الكسب في اللغة والشرع تطلق على الفعل، ﴿بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٢٩)[الأنعام]، ﴿بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٠٨)[الأنعام].

وقوله: «ولم يكلفهم الله تعالى إلا ما يطيقون»، أي: ما يستطيعون، قال الله تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: ٢٨٦]، ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا﴾ [الطلاق: ٧]، وقال في الدعاء الذي علمه لعباده -: ﴿رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ﴾ [البقرة: ٢٨٦]، قال الله تعالى: «قد فعلت» (٣).

وهذا من رحمة الله بعباده، وحكمته في شرعه، وهو من اليسر الذي أراده الله بعباده: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة:


(١) ص ٣٨٠.
(٢) قالوا: عجائب الكلام ثلاثة: طفرة النظام، وأحوال أبي هاشم، وكسب الأشعري. مجموع الفتاوى ٨/ ١٢٨، ومنهاج السنة ١/ ٤٥٩ و ٢/ ٢٩٧، وشفاء العليل ص ٥٠ و ١٢٢.
(٣) رواه مسلم (١٢٦) من حديث ابن عباس .

<<  <   >  >>